للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الخائط والمخيط، فإن الغلول عارٌ، ونارٌ، وشنارٌ على أهله يوم القيامة» (١) .

فهذا نصٌّ في الخائط والمخيط -وهو الخيط والإبرة- أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأدائه، وجعل له حكم الغلول المتوعَّد عليه بالنار، فلا ينبغي أن يتسامح مع هذا أحدٌ في مثل ذلك، وإنما حَمَلَ من ذكرناه على الترخيص فيما خَفَّ من ذلك: حملُهم ما وقع في الحديث من ذكر الخائط والمخيط على أنَّ المراد به ضربُ المثل، والمبالغة والتحذير، وإنما المقصود ما فوقه، لكن هذا التأويل مع كونِهِ دَعوى، وخروجاً عن الظاهر بغير دليل، فقد يبطله قوله - صلى الله عليه وسلم - -وقد جاء رجل بشراك أو شراكين إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - -: «شراكٌ -أو: شِراكان- من نار» ؛ خرَّجه مالك في «الموطأ» (٢) .

قوله في الحديث: «شراك، أو: شراكان» ؛ هو شكٌّ من المحدِّث.

وأجمع العلماء على أن الغالَّ يجب عليه أن يردَّ ما غلَّ إلى صاحب المقاسم إن وجد إلى ذلك سبيلاً، وأنه إذا فعل ذلك، فهو توبةٌ له (٣) .

واختلفوا: إذا افترق أهل العسكر ولم يوصل إليهم؛ فذهب أكثر أهل العلم إلى أنه يرفع إلى الإمام خُمسه، ويتصدَّق بالباقي، فإنْ خاف الإمامَ على نفسه،


(١) مضى تخريجه قريباً. وهو صحيح.
(٢) (رقم ٤٦٢- ط. دار إحياء التراث العربي) .
وأخرجه البخاري في «صحيحه» في كتاب الأيمان والنذور (باب هل يدخل في الأيمان والنذور: الأرض، والغنم، والزروع، والأمتعة) (رقم ٦٧٠٧) ، ومسلم في «صحيحه» في كتاب الإيمان (باب غلظ تحريم الغلول) (١٨٣) (١١٥) .
(٣) قال بدر الدين بن جماعة في «تحرير الأحكام» (ص ٢١٤) : «من غلَّ شيئاً من المغنم وإن قلَّ ردَّه إلى المغنم ليقسم، وتجب عليه التوبة والاستغفار من ذلك» . وانظر: «اختلاف الفقهاء» للطبري (١١٠) .
ونقل الإجماع: ابن المنذر في «الأوسط» (١١/٦٠) ، وفي «كتاب الإجماع» (٧٢ رقم ٢٣٦) ، وأقره العيني في «عمدة القاري» (١٥/٥) ، وابن حجر في «الفتح» (٦/١٨٦) ، وانظر: «شرح النووي على صحيح مسلم» (١٢/٢١٨) ، «تفسير القرطبي» (٤/٢٦٠) .

<<  <   >  >>