للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حنيفة في ردِّه على الأصناف الباقين في الخمس، إلا أنه زاد مع ذلك سَهمَ ذي القربى، فردَّه كذلك على من بقي، ورأى أنه انقطع بموت النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقسم على ثلاثة كما تقدم من مذهبه (١) .

وقولٌ ثالث: إن الإمام يضعه في مصالح الإسلام وأهله، مِن سدِّ الثغور، وإعداد الكراع والسلاح، ويُعطي منه مَن فيه للمسلمين منفعةٌ، ويُنفِّل منه في الحرب وغير الحرب، على ما يرى من المصلحة، وهو قول الشافعي، وإليه ذهب أحمد بن حنبل (٢) ،


(١) تقدم ذكر مذهب الإمام الطبري، وأبي حنيفة -رحمهما الله-. وانظر: «الأوسط» (١١/ ٩٣-٩٤) ، «الفيء والغنيمة» (ص ٨٤) .
(٢) انظر في مذهب الشافعية: «الأم» (٤/١٥٥) ، «المهذب» (٢/٢٤٧) ، «الوجيز» (١/٢٩٠) ، «روضة الطالبين» (٦/٣٥٥) ، «المنهاج» (٩٣) ، «أحكام القرآن» للكيا الهراسي الشافعي (٣/١٥٨، ١٥٩) ، «حلية العلماء» (٧/ ٦٨٨) ، «الأوسط» (١١/٩٥) ، «المجموع» (١٩/٣٥٤) ، «تفسير الماوردي» (٢/٣٢٠) .
ونقله عن الشافعي: ابن عبد البر في «الاستذكار» (١٤/١٩٢) .
وفي مذهب الحنابلة: «المغني» (٦/٤٠٦) ، «الشرح الكبير» (٥/٥٦٠) ، «المقنع» لابن قدامة (١/ ٥٠٣) ، «الإنصاف» (٤/١٦٦، ١٦٧) ، «كتاب التمام» (٢/٢٢٥) ، «الفروع» (٦/٢٢٧) ، «المحرر» (٢/ ١٧٥) ، «رؤوس المسائل الخلافية» (٥/٧٨٢) .
وهذا القول هو أصح الروايتين عن أحمد، واختاره الخرقي في «مختصره» (ص ١١٩) .
والرواية الأخرى عن أحمد، أن سهم النبي - صلى الله عليه وسلم - من خمس الغنيمة: مصروف إلى أهل الديوان خاصة، وهم الذين نصبوا أنفسهم للقتال، وانفردوا في الثغور، يقسم على قدر كفايتهم.
ووجه هذه الرواية -عندهم-: أنه لما كان هذا السهم في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - له؛ لأن الرعب منه، والفزع منه، وجب أن يكون بعده لمن الرعب منه، والفزع منه، والفزع إنما يكون بأهل الديوان.
ووجه الرواية الأولى: قوله - صلى الله عليه وسلم -: «مالي مما أفاء الله عليكم إلا الخمس، والخمس مردود فيكم» . فأخبر أنه مردود على الجماعة، وجعل الخمس عامّاً، سواء فيه خمس الغنيمة، أو خمس الفيء.
قلت: والحديث المشار إليه. أخرجه أبو داود (رقم ٢٧٥٥) ، وأحمد (٤/١٢٧-١٢٨) ، وغيرهم، وهو جزء من حديث العرباض المتقدم. وفيه: «فأدوا الخيط والمخيط ... » ، و «إياكم والغلول، فإنه عار وشنار» .
وهو صحيح. وانظر: «صحيح سنن أبي داود» .
ومذهب الشافعي، والرواية الأولى عن أحمد: هو مذهب المالكية، بناءً على أصلهم: وهو أن خمس الغنيمة، والخراج، والجزية، لا يخمس شيء منه، بل يأخذ الإمام منه كفايته وعياله بغير تقدير، =

<<  <   >  >>