للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في ذلك من غيرهم بعد.

وقولٌ ثانٍ (١) : إنهم كسائر أهل الكتاب في قبول الجزية وسائر

الأحكام، وإليه ذهب عمر بن عبد العزيز (٢) ، وجماعة من أهل العلم؛ قالوا: إن الجزية تؤخذ منهم (ومن أحدٍ ما) (٣) تؤخذ من سائر أهل الكتاب في الشروط والصغار وسائر الأحكام، ووجه ذلك حمل الآية على عمومها فيمن دان بدين أهل الكتاب، وقال الله -تعالى-: {لاَ تَتَّخِذُوا اليَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَن


(١) هو قول جمهور العلماء، علىخلاف بينهم في مقدار الجزية التي تؤخذ من نصارى بني تغلب -على ما سيذكره المصنف في القول الثالث-، وهل تؤخذ من النساء والصبيان أو لا؟
فذهب مالك والشافعي -على تفصيل سيذكره المصنف فيمن كان منهم على دين أهل الكتاب قبل بعثة النبي - صلى الله عليه وسلم - أو لم يكن-، إلى أنها لا تؤخذ من نسائهم وصبيانهم، وعلى تفصيل عند الحنفية: أنها تؤخذ من المقاتلين من الرجال، العقلاء، الأحرار، الأصحَّاء، دون النساء، والصبيان، والمجانين، وقال القدوري في «مختصره» (٤/١٥٣- مع «اللباب» ) : «ويؤخذ من نسائهم، ولا يؤخذ من صبيانهم» .
ومذهب الحنابلة عدم الأخذ من الجميع باسم الجزية: رجالاً، ونساءً، وصبياناً، مع مضاعفة الزكاة عليهم، والمعنى واحد.
والمالكية على أصلهم في عدم التفريق بين العرب وغيرهم من أهل الكتاب، وسيأتي ذكر مذهبهم.
انظر في مذهب الحنفية: «تحفة الفقهاء» (٣/٣٠٧) ، «اللباب» (٤/١٥٣) ، «الهداية» (٢/٤٥٧) ، «البناية» (٥/٨٤٥) ، «بدائع الصنائع» (٧/١١٠-١١١) ، «مختصر اختلاف العلماء» (٣/٤٨٤) .
وفي مذهب الشافعية: «الأم» (٤/١٨٢) ، «روضة الطالبين» (١٠/٣٠٥) ، «الإقناع» للماوردي (١٧٩) ، «منهاج الطالبين» (٣/٢٨٧) ، «التهذيب» للبغوي (٧/٥١٦) ، «البيان» للعمراني (١٢/٢٥٧) ، «الحاوي الكبير» (١٨/٣٩٩) ، «المجموع» (٢١/٢٩٧) .
وفي مذهب الحنابلة: «المغني» (١٣/٢٢٣) ، «المقنع» لابن البنا (٣/١١٩٤) ، «شرح الزركشي» (٦/٥٨٠) ، «الإنصاف» (١٠/٤٠٥) ، «كشاف القناع» (٣/١١٩) ، «رؤوس المسائل الخلافية» (٥/ ٧٩٤) ، «المبدع» (٣/٤٠٦- ٤٠٧) .
وانظر: «مجموع الفتاوى» (١٩/١٩) لابن تيمية.
(٢) انظر: «المغني» (١٣/٢٢٤) . وسيذكره المصنف بَعْدُ.
(٣) كتب الناسخ في هامش نسخته: «ما بين القوسين غير واضح في الأصل، ولعلَّ الصواب: «تؤخذ منهم كما تؤخذ ... إلخ» .

<<  <   >  >>