للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لمْ يُعْطَ- دَينٌ عليه بلا شك، اللهم إلا أن يعني قائل ذلك: أن الجزية إلزام مالٍ يؤخذ على وجه الصَّغار والعقوبة بالكفر، فكان من شرطه بقاء الملزم، كما كان من شرطه البقاء على الكفر.

وأما من مات قبل أن يتم حوله، فسبب الخلاف فيه: هل الجزية موضوعة لتمام الحول كالزكاة مثلاً، فهي لا تجب إلا بتمامه، فإذا مات قبل أن يستكمل الحول فلم تجب الجزية (١) ، أو هي كالخراج والكراء مُقسَّطةٌ على أوقات العام: لكل جزءٍ ما يقابله، فيلزمه بحسب ذلك في تركته؟ وبهذا الاعتبار يتوجه اختلاف القولين في ذلك عند الشافعي (٢) ، وكذلك فيمن أسلمَ في بعض الحول: أنه يؤخذ منه ما مَضَى من الحول بحسابه، أو لا يؤخذ منه؟ في ذلك قولان.

[فصلٌ: في حكم الأرض إذا أسلم عليها أهل الذمة] (٣)

وأمَّا حكم الأرضين، إذا أسلم عليها أهل الذمة: فذلك يختلف في حقِّ أهل الصلح وأهل العنوة، كما أشرنا إليه في الفصل قبل هذا.

وفي «الموطأ» (٤) عن مالك، أنه سُئِل عن إمامٍ قَبِلَ الجزية من قومٍ، فكانوا يعطونها: أرأيت من أسلم منهم، أتكون له أرضه، أو تكون للمسلمين، ويكون لهم


(١) كذا في الأصل مجوّدة، وفي المنسوخ: «الزكاة» وكلاهما له وجه.
(٢) من هامش المنسوخ فقط.
(٣) فمذهب الشافعي وأحمد: إذا دخلت سنة في سنة، لم تسقط جزية السنة الماضية، ووجب عليه جزية سنتين، قالوا: لأنه مال يتكرر بتكرر الحول، أو: مال يجب في كل حول، فوجب أن لا يتداخل.
انظر: «التنبيه في الفقه الشافعي» (ص ٢٣٨) ، «المغني» (١٣/٢٢٣) .
خلافاً لأبي حنيفة في قوله: تسقط جزية السنة الماضية، وتجب جزية واحدة.
انظر: «الهداية» (٢/٤٥٤) ، «ملتقى الأبحر» (١/٣٧٢) ، «مختصر اختلاف العلماء» (٣/٤٨٧) .
وفرَّق المالكية بين الغني والفقير، فقالوا: إذا اجتمعت عليه سنون، إن كان غنياً أخذت منه جيمع السنوات، وإن كان فقيراً فلا تؤخذ منه؛ لأن الفقير لا جزية عليه. انظر: «الذخيرة» (٣/٤٥٤) .
وانظر: «أحكام أهل الذمة» (١/١٤٦- وما بعدها) .
(٤) في كتاب الجهاد (باب إحراز من أسلم من أهل الذمة أرضه) (ص ٢٩٩- ط. دار إحياء التراث) .

<<  <   >  >>