للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

-عز وجل-.

وخرَّج مسلم (١) ، عن عبد الله، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «والذي لا إله غيره! لا يحل دم رجل مسلم يشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، إلا ثلاثة نفر: التارك للإسلام، المفارق للجماعة، والثيب الزاني، والنفس بالنفس» . ورواه -أيضاً- عن عائشة (١) ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، بمثله.

فكان ظاهرُ هذا الحديث حصْرَ الحق المستثنى في الثلاث، فتعلَّق بذلك قوم، وأَلْحَق آخرون بهذه ما أوجبه نصٌّ آخر ودليلٌ بيّن، واحتمل أن يكون تعيين هذه الثلاث بالحصر؛ لأنها أمهاتٌ، وقواعدُ في الشرع بَيِّنات في حفظ الدين والدماء والأنساب، وقد تقرر في الشرع تقرر التواتر بيان حكمها، وتمييز أنواعها، فلم يكن إقدام الحاكم في تنفيذ الحكم فيها يفتقر إلى نظرٍ وكشفٍ واستفسار، فكأنه قال: الحلُّ البيِّنُ الذي لا يخفى عليكم، ولا يشكل على نظركم، ونحو هذا مما يقع فيه الفرق بين هذه الثلاث وغيرها، وإلا فقد رويت آثار صحاح بإيجاب القتل في أحداثٍ غير هذه؛ من ذلك: ما خرَّجه مسلم (٢) عن أبي سعيد قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا بويع لخليفتين؛ فاقتلوا الآخر منهما» . وخرَّج -أيضاً- (٣) عن عرفجة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من أراد أن يُفَرِّقَ أَمْرَ هذه الأمة وهي جميع؛ فاضربوه بالسيف، كائناً من كان» .

وقاتل أبو بكر -رضي الله تعالى عنه- مانعي الزكاة بمحضرِ الصحابة وموافقتهم (٤) ، فكان كالإجماع.


= أحرقهم؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تعذبوا بعذاب الله» . ولَقَتَلْتُهُمْ؛ كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من بدَّل دينه فاقتلوه» .
وأخرجه في كتاب استتابة المرتدين (باب حكم المرتد والمرتدة) (رقم ٢٩٢٢) .
(١) في «صحيحه» في كتاب القسامة والمحاربين (٢٦) (١٦٧٦) .
(٢) في «صحيحه» في كتاب الإمارة (باب إذا بويع لخليفتين) (٦١) (١٨٥٣) .
(٣) في «صحيحه» في كتاب الإمارة (باب حكم من فرَّق أمر المسلمين وهو مجتمع) (٥٩) (١٨٥٢) .
(٤) وهذه القصة معروفة مشهورة، فقد أخرجها البخاري في «صحيحه» في كتاب الزكاة (باب وجوب الزكاة) (رقم ١٣٩٩ و١٤٠٠) ، ومسلم في «صحيحه» في كتاب الإيمان (باب الأمر بقتال =

<<  <   >  >>