للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويجاب بأنه لم يذكر من قال بهذا الاعتراض، وأظنه اعتراضا افتراضيا؛ فإنه لا يقول به أحد، بل هو مبني على ما فهمه من صحة مشاركة اليهودي المرابي، وهو فهم غير دقيق ـ كما تقدم؛ فإنه ليس في تلك النصوص جواز مشاركة من يرابي بأموال الشركة ـ يهوديا أو غير يهودي - بل فيها الدلالة على فساد تلك العقود؟!

قال ابن القيم (١): "وما باعوه من الخمر والخنزير قبل مشاركة المسلم جاز لهم شركتهم في ثمنه، وثمنه حلال؛ لاعتقادهم حله، وما باعوه واشتروه بمال الشركة؛ فالعقد فيه فاسد؛ فإن الشريك وكيل والعقد يقع للموكل، والمسلم لا يثبت ملكه على الخمر والخنزير".

فهل العقود الربوية التي تجريها هذه الشركات المختلطة عقود فاسدة وملغاة أم أنها صحيحة عنده ومعتبرة، مع ملاحظة أن النصوص المنقولة عن الفقهاء فيما إذا كانت الشركة قائمة وطرأت عليها مثل هذه المعاملات المحرمة، وليست في الدخول في شركات يعلم أنها تمارس عقودا محرمة - مجمع على تحريمها؛ فإنه لم يرد عن الفقهاء نص بجواز الدخول فيها؟

ثم قال: الوجه الثاني: أنه إن كان قد جاز التسامح مع الشريك الكتابي لأنه يتأول في دينه جواز فوائد الربا وإيرادات الخمور وصفقات القمار وأثمان الخنازير، فإنه من باب أولى أن يجوز التسامح مع المسلمين المتأولين للأموال المحظورة، مثل بعض مؤسسات المسلمين الربوية؛ لأن كثيرا من روَّادها يتأول جواز الفوائد البنكية أصلا باعتبار التفريق بين الربا الإنتاجي والربا الاستهلاكي، وأن ربا القرآن القطعي هو ربا الديون لا ربا القروض.

ويجاب بأن هذا قول ضعيف مخالف لإجماع المتقدمين


(١) انظر: أحكام أهل الذمة ١/ ٥٦٠، وانظر كلامه ص٥٣ حيث حرم كل عقد فيه الربا، وكلام الغزالي ص٤١.

<<  <   >  >>