للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقع في الشبهات كراع يرعى حول الحمى، يوشك أن يواقعه، ألا وإن لكل ملك حمى، ألا إن حمى الله في أرضه محارمه» (١).

قال الشيخ عبد الله بن بيه (٢): (ولم نجد نقلا يجيز الدخول معه في شركة مع العلم بأنه يتعاطى الربا، ولا نعلم أحدا أقرَّه على الاشتراك معه إذا اكتشف ذلك التعامل؛ لأنه لا يجوز أن يبقى المسلم متلبسا بمعاملته الربوية ليدفع قسطا من أرباحه تخلصا من الحرام، وإنما يجب أن يكون دفع هذا القسط علامة على التوبة على أن لا يعود؛ قال تعالى: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا} [النحل: ٩٢].

ولتأكيد وتأصيل ما ذهبنا إليه نذكر ثلاثة قواعد في شكل مبادئ:

المبدأ الأول: إن الشريك يده هي نفس يد الآخر؛ بحيث أن أي عمل يعمله الآخر بالشركة هو عمله هو، لا فرق بينهما، أشار إلى ذلك ابن قدامة، فهو وكيل عنه.

المبدأ الثاني: هو شيوع الحرام في مال الشركة، مما يجعلها متلبسة بالحرام، حتى ولو أعطى قسطا من الربا؛ حيث يظل ماله مخلوطا ببقية مال الشركة الذي ينتشر فيه الحرام؛ فإن ذلك لا يطهره؛ لأن المعاملات الربوية هي معاملات فاسدة، وبالتالي فإن المال مرهون بمعاملات فاسدة ينتشر فيها الحرام.

المبدأ الثالث: إن الشركة كالوكالة، والوكالة لا تجوز على محرم، قال السيوطي: "قاعدة: من صحت منه مباشرة الشيء صح توكيله فيه غيره وتوكله عن غيره، وإلا فلا" (٣).


(١) أخرجه البخاري في كتاب البيوع/ باب الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات رقم ١٩٤٦، ٢/ ٧٢٣، وأخرجه مسلم في كتاب المساقاة باب أخذ الحلال وترك الشبهات رقم ١٥٩٩، ٣/ ١٢١٩ ...
(٢) توضيح أوجه اختلاف الأقوال في مسائل من معاملات الأموال، ص٥٦ - ٥٨.
(٣) الأشباه والنظائر، للسيوطي، ص٤٦٣.

<<  <   >  >>