للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من واقع نتائج مؤشرات سوق المال السعودي - بل والخليجي - وتسارع مواطني هذه الدول في دخول السوق بعيدا عن الخبرة في التداول، ومع الهزات المتكررة التي حصلت في هذه الأسواق - ظهرت صور وأرقام مخيفة بل ومدمرة (١) في سقوط الكثير من صغار المستثمرين والقضاء على أموالهم، وتكدُّس الأموال في أيدي قلة من المستثمرين، وهذا ـ بلا شك ـ خلاف المنهج الرباني؛ وهو أن المال دولة بين الناس، وليس بين شريحة معينة؛ كما قال تعالى: {كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ} [الحشر: ٧].

قال ابن الجوزي في تفسيره (٢): (والمعنى: لئلا يتداوله الأغنياء بينهم، فيغلبوا الفقراء عليه).

وقال أبو السعود (٣): (كيلا يكون دولة بين الأغنياء منكم يتكاثرون به ...).

وتجمُّع الأموال وتكدُّسها في يد قلَّة يؤدي إلى خلل في التركيبة الاقتصادية، يكون وَقْعُها وأثرُها سيئًا على التركيبة الاجتماعية؛ حيث تتجلَّى الطبقية في أسوء صورها؛ حيث يشعر أولئك الذين خسروا أموالهم أن هؤلاء هم سبب مصيبتهم، وما آل إليه حالهم، وهذا مما يولد الكره تجاه الآخر وظهور التفكك في المجتمع.

في ظل غياب مفهوم الوعي لدى الشركات عن الهدف الأسمى من إنشائها؛ وهو النهوض بواجباتها في تدفق إنتاجها إلى الأسواق، والحرص على التنافس في الجودة وكب سوق محلية وعالمية في هذا المنتج.


(١) مما حدا بتدخل الدولة في المملكة أكثر من مرة؛ لتصحيح الخلل فيه وإعادة التوازن ومحاولة رأب الصدع الذي أثر على الكثير.
(٢) زاد المسير ٨/ ٢١١.
(٣) تفسير أبي السعود ٨/ ٢٢٨.

<<  <   >  >>