للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحديث والسُّقيا هي ما يفتحه الله على رسوله من لذات الإيمان والعلم وما يخالج قلبه من المعارف والأحوال الشريفة التي تقوم مقام الطعام والشراب وقالوا: إن الإنسان إذا تفكر في الحالة الشريفة واستغرق فيما يحب ويشتهي أشغله ذلك عن الطعام والشراب وذكروا ما ذكروا من شواهد من أشعار العرب كقول الشاعر:

لها أحاديث من ذكراك تشغلها ... عن الشراب وتلهيها عن الزاد

فمعنى البيت: أن المرأة إذا قامت تتحدث في ذكر من تهوى فإنها تلهى عن الطعام والشراب وهذا شيء محسوس أن الإنسان إذا اشتغل بمحبوبه نسي وذهل عن الطعام والشراب حتى ربما الساعات تمر عليه بل اليوم والليلة وهو لا يحتاج إلى الطعام والشراب.

٣ - وقال بعضهم: إنه لما كان إذا أكل الإنسان وشرب وهو ناسيًا نقول له: أطعمك الله وسقاك كما في حديث أبي هريرة في الصحيحين مع وجود صورة الأكل حقيقة فارتفع عنه مقتضى الطعام والشراب مع كونه مفطرًا من أجل النسيان وكذلك يقال: إنه إذا أكل من طعام الجنة وشرابها على وجه ليس محسوس لنا - ليس بدخول الطعام إلى الجوف أي جوف النبي - صلى الله عليه وسلم - يعني ليس فيه أنه يدخل من فيه - فحينئذٍ لا مانع من أن يكون يطعمه الله من طعام الجنة وشرابها حتى نفر من التأويل الذي قد لجأ إليه من قال: إن هذا إنما هو من لذات الإيمان ولذات الأُنس ونفحات القدس والله يختصُّ نبيه بما يشاء، ثم إن أحكام الدنيا على الظاهر على الأكل الحسي لا المعنوي فإذا قدر أن الله يُغذي نبيه بشيء في الجنة فحينئذٍ هذا خاصٌّ بالنبي - صلى الله عليه وسلم - فالله

<<  <   >  >>