النفس فإنه يبادر بالأعمال الصالحة فيصوم ويقوم فإذا ضَعُفَ العبد أو حصل له بعض الفتور أو جاءه بعض الشغل أو العمل فإنه يفطر فقد استقرت سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - على هذا حيث قال:(لكل عامل شرّة وفترة فمن كانت شرّته إلى سُنتي فقد نجي ومن كانت فترته إلى غير ذلك فقد هلك)(١) فالإنسان يهتبل نشاط النفس وإقبالها وقوتها في الطاعة فيصوم، ثم إذا ضَعُفَت النفس أو جاءت أمور أخرى أفضل من جنس الصيام فإنه يدع الصيام ويجم نفسه ويلزم الحق ولا ينبغي للإنسان أن يلزم عبادة واحدة يظن أن الخير فيها وهذا كله في باب النفل وعلى هذا استقرت سُنة النبي - صلى الله عليه وسلم - فقد كان يسرد أيامًا طوالًا صيامًا لكنه لا يستكمل الشهر حتى يظن الظان أنه سيستكمل الشهر فيفطر حتى يظن الظانُّ أنه لا يصوم هذا الشهر وربما ترك الصيام في بعض الشهور، ثم جمعها في شعبان كلها على أحد التفاسير في الحكمة من صيام شعبان وقد صح عن ابن مسعود قوله: إني إذا صمت ضَعُفَت عن الصلاة، والصلاة أحبُّ إلي من الصيام. أخرجه عبد الرزاق عن الثوري عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد قال: كان عبد الله يقل الصيام. فقلنا له: إنك تقل الصيام! قال: ... فذكره. صحيح. فمن أحسن قيادة نفسه وأمسك بزمامها فقد أُوي خيرًا كثيرًا، والله المستعان، والله أعلم.
(١) أخرجه أحمد (٢/ ١٨٧) عن عبد الله بن عمرو وإسناده لا بأس به وله ألفاظ وفيه قصة بل إنه ورد على الصيام نفسه كما في بعض ألفاظه.