قال ابن عبد السلام: لا خلاف فيما قد علمت في المذهب أنه لا فضل في الوضوء بعد الغسل وإنما اختلف في سقوط الوضوء تقديرا أو يقدر الآتي بالغسل آتيا بالوضوء معه حكما، قلت: ما زعم من الاتفاق يرد بنقل الباجي عن مالك: إن أخر غسل رجليه من وضوء أعاد وضوءه بعد غسله وبقول التهذيب: ويؤمر الجنب بالوضوء قبل غسله فإن أخره بعده أجزأه ونبه على هذه بعض شيوخنا وما ذكره من الخلاف لا أعرف صورته فتدبره، لا يقال: إن صورته إذا لم يأت بالوضوء فهل يثاب عليه أم لا؟
للاتفاق على أن تقديمه مطلوب فلو كان يثاب عليه بتقديمه لاندراجه في الغسل لما كان لقولهم المطلوب تقديمه فائدة ويحتمل أن يكون أراد بالخلاف في التسمية فقط.
(وأفضل له أن يتوضأ بعد أن يبدأ بغسل ما بفرجه أو جسده من الأذى ثم يتوضأ وضوء الصلاة إلى آخره):
ما ذكر أن تقديم الوضوء فضيلة هو كذلك تشريفا لها ومعنى قوله: بعد أن يبدأ بغسل ما بفرجه أو جسده من الأذى يعني به على طريق الاستحباب، ويريد ثم يغسل ذكره ثم يتوضأ. فلو غسله بنية الجنابة ولم يغسل محل الأذى فإنه يجزئه، وقال ابن الجلاب: غسل النجاسة سنة إلا أن تكون في أعضاء الوضوء فيجب إزالتها لارتفاع الحدث لا لذاتها. وروى بعض من لقيناه أن قوله في أعضاء الوضوء وصف طردي، بل وكذلك أعضاء الغسل للعلة التي ذكرها ولو غسل المحل بنية الجنابة والنجاسة فإنه يجزئه.
قال بعض الشيوخ قال المازري وهو متعقب: متى اعتقد المتطهر عدم فرض زوال النجاسة قلت إنما هو متعقب على أحد القولين فيمن جمع بين الجمعة والجنابة في غسل واحد، هل التنافي في النية حاصل لأنه لا يمكن اجتماع نفل وفرض في نية واحدة أو لا تنافي؟ لأن النفل جزء الفرض على أن تسليمه إذا اعتقد فرضيتها فيه نظر لأن غسل النجاسة لا يفتقر إلى نية والجنابة تفتقر فكان التنافي حاصل، وقد حكى عن أحد قولي المذهب إذا نوى رفع الحدث والتبرد أنه لا يجزئه وظاهر كلام الشيخ أنه يغسل أعضاء وضوئه ثلاثا ثلاثا، وهو ظاهر كلام غيره أيضًا.
وقال عياض لم يأت في تكراره شيء، وقال بعض الشيوخ لا فضيلة فيه واختلف