أن يترك المرء شراء صدقته وإن كانت قد قبضت وهذا يدل على ما قال ابن عبد السلام: والأول لما قال ابن هارون – والله أعلم.
[باب في زكاة الفطر]
(وزكاة الفطر سنة واجبة فرضها رسول الله صلى الله عليه وسلم على كل كبير أو صغير ذكر أو أنثى حرًا أو عبدًا من المسلمين صاعا عن كل نفس بصاع النبي عليه السلام وهو أربعة أمداد بمده صلى الله عليه وسلم):
يريد أن زكاة الفطر سنة وأراد بقوله فرضها رسول الله صلى الله عليه وسلم أي قدرها فلا تمريض في كلامه، وقول أبي عمر بن عبد البر قول الشيخ أبي محمد سنه فرضها رسول الله صلى الله عليه وسلم تمريض للشيخ ضعيف لما قلناه، وما ذكرناه عن الشيخ من أن حكمها السنة عزاه أبو عمر بن عبد البر لبعض أصحاب مالك قائلاً وهو ضعيف، وعزاه ابن رشد لبعض أصحابنا وذكرنا بعضهم عن مالك، وقال الباجي واللخمي أنها واجبة وأخذ ذلك من قول مالك في المجموعة أنها داخلة في قوله تعالى:(وأقيموا الصلاة وءاتوا الزكاة)[البقرة: ٤٣]
، وجعله ابن الحاجب المشهور ومنهم من استدل على وجوبها بقوله تعالى:(افلح من تزكى (١٤) وذكر اسم ربه فصلى) [الأعلى: ١٤، ١٥]
وقيل أن دليل الوجوب من السنة فيتحصل في حكمها قولان: السنة والوجوب، وعليه فقيل بالسنة وقيل بالوجوب وبالقرآن وعلى الثاني فقيل بالعمومات وقيل بتخصيص قوله تعالى:(افلح من تزكي).
واختلف في وقت وجوبها على خمسة أقوال: فقيل عند الغروب من ليلة الفطر قال ابن القاسم. ورواه أشهب عن مالك وهو المشهور، وقيل تجب بطلوع الفجر ورواه ابن القاسم وعبد الملك ومطرف عن مالك، وقيل بطلوع الشمس قاله بعض أصحاب مالك، وقيل تجب من ليلة الفطر إلى الزوال قاله عبد الملك، وقيل من المغرب إلى الغروب حكاه اللخمي عن مالك، قلت ويقوم من المدونة من قالها ولا تؤدى عن الحمل زكاة الفطر إلا أن يولد ليلة الفطر حيا أو يومه فتؤدى عنه، وثمرة هذا الخلاف تظهر فيمن ولد وإذا مات أو أسلم أو بيع أو عتق أو طلق أو وهب أو تصدق، وما ذكر الشيخ من أن مقدارها صاع هو المشهور بالإطلاق ونقل ابن يونس عن ابن حبيب قدرها من البر نصف صاع وهو قول أبي حنيفة.