وفي المجموعة محله بين الخطبتين وقيل في أثناء خطبته وقال أصبغ: إذا أشرف على الفراغ منها، وصفة التحويل هو أن يحول ما يلي ظهره إلى السماء وما على الأيمن على الأيسر ولا يجعل أعلاه أسفله قاله في المدونة، وقال ابن الجلاب له قلبه فيجعل أسفله أعلاه.
(وليفعل الناس مثله وهو قائم وهم قعود ثم يدعو كذلك ثم ينصرف وينصرفون):
ما ذكر مثله في المدونة وقال محمد بن عبد الحكم لا يحولون واختاره اللخمي، وبه قال الليث بن سعد، ويريد الشيخ بقوله يحول الناس غير النساء لأن تحويلهن كشف في حقهن ونص عليه عبد الملك بن الماجشون، وقال ابن عيشون: من كان عليه برنس أو غفارة حوله يريد يخلع ثم يحول ثم يلبس.
(ولا يكبر فيها وفلا في الخسوف غير تكبيرة الإحرام والخفض والرفع ولا أذان فيها ولا إقامة):
ما ذكر هو مذهبنا وقال الشافعي يكبر كتكبير العيدين وهو قول ابن عباس وابن المسيب وعمر بن عبد العزيز.
[باب ما يفعل بالمحتضر وفي غسل الميت وكفنه وتحنيطه وحمله ودفنه]
قال بعض الشيوخ: الاحتضار عبارة عن قرب الأجل ودنوه وسمي بذلك إما لحضور أجله وإما لحضور الملائكة، قال ابن العربي في القبس: الموت ليس بعدم محضر ولا فناء صرف، وإنما هو تبدل حال بحال وانتقال من دار إلى دار ومن غفلة إلى ذكر ومن نوم إلى يقظة ولو لم يكن الامر كذلك لكان الخلق عبثا. ثم قال أيضًا جبل الله الخلق على حب الدنيا وبغض الموت فمن كان ذلك منه ركونا إلى الدنيا وحبالها وإيثارا لها فله الويل الطويل، وإن كان خوفا من ذنوبه ورغبة في عمل صالح يحصله فله البشرى والمغفرة والنعيمن وإن كان حياء من الله تعالى لما ارتكب من الذنوب فالله تعالى: أحق أن يستحيا منه فعلى هذه الأحوال يتنزل قوله عليه السلام مخبرا عن الله تعالى: "إذا أحب عبدي لقائي أحببت لقاءه وإذا كره عبدي لقائي كرهت لقاءه".
قلت: وفي كلامه نظر لأن كل مؤمن لا يؤثر الدنيا على الآخرة أصلا نعم لخوفه من ذنوبه، يطلب طول البقاء في الدنيا لعله يحصل على نصيب وافر من طاعة ربه ليكون ذلك سببا لمغفرة ذنوبه، وأما أنه يؤثر الدنيا لذاتها على الآخرة فالذي أتحققه أنه