نقله الباجي عن رواية ابن حبيب ليس ذلك فرضا ولا حتما وأحب أن يأتيه فجعلها ندبا وحكاه ابن الحاجب عن ابن القصار عن المذهب، وقال اللخمي: إن كان المدعو قريبا أو جارا أو صديقا أو من يحدث بتأخيره عداوة وتقاطعا وجبت إجابته وإن كان المدعو غير ذلك فإن لم يأت من الناس ما تقوم شهرة النكاح به ندبت وإلا أبيحت.
فإن قلت: والقول بأن الإباحة واجبة مع أن الدعوة مندوبة متنافيان قلت: ليس في ذلك تناف بل هو أصل المذهب ألا ترى أن الابتداء بالسلام سنه ورده فرض فإن قلت والقول بأنها مندوبة مشكل أيضا لقوله صلى الله عليه وسلم "ومن لم يجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله" قلت: أجيب عن ذلك بوجهين أحدهما أن يقصد بعدم إجابته الترفع عنها والرغبة عن السنة، وهذا تأويل عبدالوهاب الثاني لبعض البغداديين من أصحابنا بأنه لا يمنع أن يطلق على من أخل بالمندوب تسمية عاص لأن المعصية مخالفة الأمر المأمور به والمندوب مأمور به، واعترضه الفاكهاني بوجهين.
أحدهما: أنه خلاف عرف حملة الشريعة وغير مصطلحهم واستعمالهم، الثاني: أن المندوب قد اختلف فيه أهل الأصول هل هو مأمور به أم لا؟ قال الباجي: لا نص لأصحابنا في وجوب أكل المجيب وفي المذهب ما يقتضي القولين روى محم: عليه أن يجيب وأن لم يأكل أو كان صائما وقال أصبغ: ليس ذلك بالوكيد وهو خفيف فحمل قول مالك على أن الأكل ليس بواجب وقول أصبغ على وجوبه قلت: واعترضه بعض شيوخنا بأن رواية محمد يجب وإن لم يأكل نص فقهي في عدم وجوب الأكل وعليه حملة اللخمي فكيف يقول: لا نص قلت: ويعترض عليه أيضا بقول الشيخ أبي محمد وأنت في الأكل بالخيار.
[باب في السلام والاستئذان والتناجي والقراءة والدعاء وذكر الله سبحانه والقول في السفر]
(ورد السلام واجب والابتداء به سنة مرغب فيها):
أشار الشيخ بقوله مرغب فيها إلى أن حكمه السنة بتأكيد والله أعلم قيل: وإنما بدأ الشيخ بالرد وكان العكس أولى تقديما للفرض على السنن فابتدأ بالأهم وهو صواب وفي المذهب قول أن الابتداء بالسلام فرض كفاية والمشهور السنة، وتردد التادلي هل الرد أفضل لأنه مقصود وفرض الابتداء وسيلة وسنة أو الابتداء أفضل لكونه فعل سنة وتسبب في فريضة قال والأظهر الأول قال رحمه الله: ولا يسلم على الشابة