ما ذكر من أن استقبال القبلة بالمختصر مستحب هو المعروف في المذهب وقيل إنه مكروه، وعلى ظاهر قول مالك من رواية ابن القاسم قال ما أعلم إلا من الأمر القديم وذكره ابن رشد من رواية علي، واختلف في تعليل الكراهة على ثلاثة أقول: فقال ابن حبيب إنما ذلك لأنهم كانوا يستعجلون به قبل نزول أسباب الموت ولا ينبغي لأهله أن يوجهوه حتى يغلب عليه ويوقن بالموت.
وقال ابن بشير: إنما الكراهة لخوف التحديد فيعتقد أنه فرض أو سنة، وقال ابن رشد: إنما كرهه لأنه لم يرو أنه فعل بالنبي صلى الله عليه وسلم ولا بأحد من أصحابه، ورده بعض شيوخنا بما في النوادر عن ابن حبيب، روي التوجه إلى القبلة عن علي بن أبي طالب وجماعة من السلف رضي الله عنهم وعلى المعروف روى ابن القاسم وابن وهب على شقه الأيمن فإن عجز فعلى ظهره ورجلاه إلى القبلة وخرج من المريض يصلي على ظهره كونه على ظهره وما ذكر من أن إغماضه مستحب هو نقل الأكثر، وقال ابن شعبان إغماضه سنة وفائدة إغماضه ستر شناعة منظره لو لم يغمض فإذا غمض بقي كالنائم.
(ويلقن لا إله إلا الله عند الموت):
يعني أن ذلك مستحب كما صرح به غيره، والأصل في ذلك ما أخرجه الترمذي ومسلم عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لقنوا موتاكم لا إله إلا الله محمد رسول الله" قال عبد الحق فيه حسن صحيح، قال المازري: في المعلم الأمر بالتلقين يحتمل أمرين: إما أن يكون لاعتراض الشيطان لإفساد عقيدة الإنسان في حالة الاحتضار، وإما أن يكون رغبة في أن يكون آخر كلامه لا إله إلا الله فيحصل له ما وعد به في الحديث الآخر وهو قوله:"من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة"، قلت: والصواب التعليل بهما معا، وذهب بعض من لاقيناه إلى أن معنى قول الشيخ ويلقن لا إله إلا الله أن ذلك ترجمة والمراد لا إله إلا الله محمد رسول الله لقوله عليه الصلاة والسلام "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله" ومثله