كان يخشى زيادة مرض أو تأخير برء أو تجديد مرض فالمشهور كذلك وقيل لا يتيمم ويستعمل الماء قاله مالك، وقلت والأقرب هو الأول لقول الله تعالى:(وما جعل عليكم في الدين من حرج)[الحج: ٧٨]
و (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها)[البقرة: ٢٨٦].
ولقد أحسن أشهب رضي الله عنه في قوله لما سئل عن مريض: لو تكلف الصوم والصلاة قائما لقدر لكن بشقة وتعب، فأجاب بأن قال: فليفطر وليصل جالسا ودين الله يسر والمشهور أن الجنب كغيره فمهما تعذر غسله تيمم، وقال عياض في الإكمال قال أحمد بن ابراهيم المصري عرف بابن الطبري من أصحاب ابن وهب: من خاف على نفسه المشقة من الغسل أجزأه الوضوء لحديث ابن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، واختلف في الحضري إذا خاف خروج الوقت إن هو استعمل الماء والمشهور التيمم، وعليه إن خاف فوات الجمعة على ثلاثة أقوال: فقيل يتيمم لها، نقله ابن القصار وأبو بكر الأبهري عن بعض أصحابنا واختار ابن القصار أنه لا يتيمم لها.
ونقله ابن هارون عن أشهب فقط قائلا عنه: ولو أحدث فيها وخشي فوات وقت الصلاة لذهابه للوضوء، ونقل القرافي عن بعضهم أنه يتيمم ويصلي ثم يتوضأ ويعيد. وحكاه غير واحد بلفظ لو قيل يتيمم ويدرك الجمعة ثم يتوضأ ويعيد احتياطا ما بعد وبهذا القول كان شيخنا أبو محمد عبدالله الشبيبي يفتي إلى أن مات. قلت وأشهب رحمه الله ناقض أصله وذلك أنه قال فيمن ذكر صلاة منسية وهو في الجمعة إن خاف فواتها تمادى وإن لم يخف قطع وقضى فجعل وقتها لا يمتد فتأمله.
(وكذلك مسافر يقرب منه الماء ويمنعه منه خوف لصوص أو سباع):
إذا خاف من سباع فلا خلاف أنه يتيمم؛ لأنه يخاف على نفسه وكذلك اللصوص إذا كان يخاف منهم على ماله خاصة فقيل يتيمم وقيل لا، واستبعده ابن بشير. قلت: الجاري على أصل المذهب أنه إن كان يحتاج إليه فإنه يتيمم مطلقا وإن كان لا يحتاج إليه فإن كان بحيث يجب عليه بذله في الشراء لقلته فإنه لا يتيمم وإلا تيمم فالقولان ينبغي أن يكونا خلافا في حال والله أعلم.
وقال ابن عبد السلام: ينبغي أن يفصل في المال بين القليل والكثير وهو الذي أراد المؤلف، فظاهره أن القولين الذين ذكرهما ابن الحاجب في قوله أو على ماله على الأصح إنما هو في اليسير دون الكثير والحق ما قلناه والله أعلم.