اعلم أن له ثلاث حالات تارة يذكر قبل مفارقته الأرض بيديه وركبتيه فهذا لا سجود علهي على المشهور، والقولان حكاهما ابن بشير، وتارة يفارق الأرض بذلك ولم يستقل قائما ففي ذلك ثلاثة أقوال: فقيل يتمادى كما قال الشيخ هو مشهور المذهب.
وقال عبد الملك يرجع وقال القاضيان ابن القصار وعبد الوهاب إن كان إلى القيام أقرب تمادى وإلا رجع، وتارة يستقل قائما فيتمادى ولا يرجع من غير خلاف قال ابن بشير قلت: ويتخرج من قول أبي مصعب أن الجلوس فرض أنه يرجع كسائر الفروض، وكان بعض من لقيناه لا يرتضي مني هذا الترجيح لاحتمال أن يراعى الخلاف ويقوم من كلام الشيخ أن من ذكر المضمضة والاستنشاق بعد غسل الوجه أنه يتمادى على وضوئه ويفعلهما بعد فراغه.
وبه كان يفتي غير واحد من شيوخنا من القرويين كالشيخ الصالح أبي محمد عبد الله الشبيبي رحمه الله تعالى، وأفتى بعضهم بالرجوع لنص مالك في الموطأ بذلك، والأول هو الأقرب الجاري على نظائر هذه المسألة كمن نسي السورة أو تكبيرة العيدين أو الجهر أو الإسرار حتى ركع، وبالجملة كل من نسي سنة فلم يذكرها حتى شرع في الفرض، ونص مالك في الموطأ بالرجوع لا يدل على أنه المذهب إذ ليس كل ما في الموطأ هو المشهور، ورد بعض أصحابنا الثاني بأن السنة في الصلاة ينوب عنها السجود شرعا وتأخير السنة في الوضوء تنكيس من غير ضرورة، فإن رجع عامدا بعد الاستقلال فقال ابن القاسم تصح وقال غيره تبطل وأفتى بعض من لقيناه من القرويين بالأول وبعض التونسيين بالثاني، قلت: والأقرب هو الأول مراعاة لمن يقول خارج المذهب بالرجوع وعلى الصحة ففي محل سجوده قولان قاله ابن بشير في كتاب الأيمان والنذور: من وجب عليه سجود سهو قبل السلام فأعرض عنه وأعاد الصلاة ثانيا لم يجزه والسجود باق في ذمته لأنه أتى بما لم يؤمر به.