عطفه يقتضي أنه إذا اعتقد أنه طاهر فبانت له النجاسة بعد صلاته بها أنه يعيد في الوقت، وإن تعمد بها الصلاة فإنه يعيد أبدا ومثل هذا في المدونة فكلام الشيخ كما ترى يقتضي أن غسل النجاسة واجب مع الذكر يريد والقدرة ساقطا مع غير ذلك.
فإذا عرفت هذا فاعلم أنه يناقضه قوله وطهارة البقعة للصلاة واجبة، وكذلك طهارة الثوب إلى آخره حسبما فهمه غير واحد، والأقرب أن ما هنا يفيد ذلك المطلق والله أعلم، ولا يقال إن في كلام الشيخ قصورا لأنه بقي عليه إذا كانت النجاسة في جسده، لأن كلامه يدل على ذلك دلالة أحروية لأنه إذا كان يعيد فيما إذا كانت النجاسة في المنفصل، وهو البقعة أو كالمنفصل وهو الثوب فأحرى إذا كانت النجاسة في ذاته.
ونص عياض على أن سقوط طرف ثوبه على جاف النجاسة لغو، وقال في المدونة: ومن صلى وفي ثوبه نجاسة أو عليه أو لغير القبلة أو على موضع نجس قد أصابه بول فجف إن كانت النجاسة في موضع جبهته أو أنفه أو غيره أعاد في الوقت فظاهرها يشهد لما قال عياض، لأنه إنما اعتبر أعضاء المصلي لقولها إن كانت النجاسة إلخ والله أعلم.
وكان بعض من لقيته يفتي بالبطلان في صورة عياض ويستروح لقول المدونة وكنت أجيبه بما قلناه، ونقل أبو محمد عن ابن حبيب أن من صلى متعمدا وبين يديه نجاسة فإنه يعيد صلاته إلا أن يبعد جدا أو يواريها عنه، قلت كأنه رأى أن النجاسة إذا كانت قريبة منه أن الغالب وصولها إلى ذلك المكان فنزل الغالب منزلة المحقق، وقد علم أن هذا أصل ابن حبيب وكذلك يجب حمل قوله أن النجاسة بين يديه وصف طردي وإنما أراد أنها قريبة منه والله أعلم.
(وكذلك من توضأ بماء نجس مختلف في نجاسته):
ما ذكره مثله في التهذيب قال فيه في الماء الذي بلغ فيه الدجاج والأوز المخلاة أنه يتيمم ويتركه فإنه توضأ به وصلى ولم يعلم أعاد في الوقت، واعترض عليه بأن الأمهات ليس فيها ولم يعلم وأجيب عنه بأن البراذعي، نقل ذلك من كتاب الصلاة ولا يضره ذلك ورأى الشيخ عبد الحق أن ابن القاسم في كلامه التناقض، وقيل إنما قال في الوقت لرعي الخلاف، وقد قدمنا الخلاف في المذهب في طهارة الماء اليسير إذا حلته نجاسة يسيرة ولم تغيره بالطهارة والكراهة والنجاسة والشك فيه هل هو طاهر أو نجس