قلت: وتردد شيوخ شيوخنا هل تأخير المغرب على المشهور أمر واجب لابد منه أم ذلك على طريق الندب؟ فمنهم من ذهب إلى الأول ومنهم من ذهب إلى الثاني، وما ذكر أنه يؤذن للصلاتين هو أحد الأقوال الثلاثة، وقيل لا يؤذن لهما وقيل للأولى فقط. وما ذكر أنه يؤذن للعشاء داخل المسجد هو قول مالك من رواية علي، وقال ابن حبيب يؤذن لها في صحنه خافضا صوته.
(ثم ينصرفون وعليهم إسفار قبل مغيب الشفق الجمع بعرفة بين الظهر والعصر عند الزوال سنة واجبة بأذان وإقامة لكل صلاة وكذلك في جمع المغرب والعشاء بالمزدلفة إذا وصل إليها)
اختلف المذهب هل يوترون بعد صلاتهم العشاء قبل مغيب الشفق أم لا؟ فالأكثر على المنع من ذلك ونقل أبو محمد صالح أن في كتاب الجبر لابن سعدون عن ابن عبد الحكم جوازه.
قال أبو القاسم عبد الحق وأنا أفغل ذلك لأن الفرض قدم فأحرى النفلن قال التادليك كاشفت كتاب الجبر لابن سعدون فما وجدت للمسألة فيها ذكرا.
قلت: وما وقع الاستدلال به ضعيف لأن الفرض إنما قدم لفضيلة الجماعة فلا يلزم من تقديم العشاء لما ذكر إلحاق الوتر بها، وأفتى يحيى بن عمر بجواز تقدمه لقوم أميين لا يقرءون أن يصلي بهم إمامهم، وهذا ينبغي أن يحمل ذلك على الوفاق لا على الخلاف، وكان بعض أشياخي يحمله على الخلاف وهو بعيد لضرورتهم.
واختلف إذا لم ينصرفوا حتى جاء وقت العشاء فقيل أنهم يعيدون قاله ابن الجهم وعكسه لأشهب وابن نافع، وقيل إن بقي أكثرهم أعادوا وإلا فلا قاله أبو محمد، وقيل إن بقي الإمام أعادوا حكاه التادلي ولا أعرفه لغيره، وناقض ابن لبابة القول بعدم الإعادة بقول عيسى وغيره في المريض إذا خاف أن يغلب على عقله فجمع ثم سلم أنه يعيد، وفرق ابن رشد بينهما بأن المريض صلى فذا فيتلافى ما فاته من فضيلة الوقت وهؤلاء لما صلوها جماعة ناب فضل جماعتهم عن فضيلة الوقت كمسافر أتم فذا يعيد خلف مقيم لا يعيد.
قلت: ويظهر لي فرق ثان وهو أن المريض لما أخذ يصلي لم يكن يعلم قطعا أنه