للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكنت أضعف هذه الإقامة في صغري بأن للمسافر خصوصيات ليست لغيره، ألا ترى أنهم اشترطوا هنا مسافة القصر ثم ظهر لي أن الإقامة ظاهرة لأنه لما كان الفرض في مسافة القصر مغاير للنوافل ذكروا وجعلوا الوتر في جملة النوافل لزم اطراده في الحضر والله أعلم.

ومن التونسيين ممن ذكر من كان يذهب المنع من ذلك وأخذه من قول المدونة لا يصلي في الكعبة الفريضة ولا الوتر ولا ركعتي الفجر فقد سوى فيما ذكر بين الوتر والفريضة فيلزمه اطراده فيما يمكن، واختلفت فتوى القرويين من المتأخرين أيضًا في هذه المسألة فأفتى الشيخ أبو عبدالله محمد بن الرماح بجواز ذلك، وأفتى غيره بالمنع وهو الأقرب أخذ بالاحتياط لقول أبي حنيفة بوجوبه.

(إلا أن يكون إن نزل صلى جالسا بماء لمرضه فليصل على الدابة بعد أن توقف له ويستقبل بها القبلة):

ما ذكر خلاف عليه الأكثر من كرهية ذلك.

(ومن رعف مع الإمام خرج فغسل الدم ثم بنى ما لم يتكلم أو يمش على نجاسة):

يحتمل أن يكون قوله مع الإمام مقصودا إشارة إلى أن الفذ لا يبني كما قال ابن حبيب، وروي عن مالك ويحتمل أن يكون قوله طرديا فيبني الفذ كما قاله أصبغ وغيره وهو ظاهر المدونة.

وقال ابن عبد السلام: في أخذه من ظاهر المدونة نظر، ولا خلاف في صحة البناء إذا حصلت له ركعة واختلف إذا لم تحصل له ركعة على خمسة أقوال: فقيل بصحة البناء كما هو ظاهر كلام المؤلف، وقيل لا يصح وقيل إن كان مأموما بنى، وقيل ما لم تكن جمعة وقيل يستحب القطع، وظاهر كلام الشيخ أن البناء هو المطلوب واختلف في المسألة على أربعة أقوال: فقيل أن البناء أرجح من القطع قاله مالك اتباعا للعمل وعكسه قاله ابن القاسم.

وقيل إنهما سواء لا مزية لأحدهما على الآخر نقله غير واحد عن المذهب كصاحب التلقين وقيل أن البناء يجب أخذه ابن رشد من قول ابن حبيب إن استخلف متكلما عمدا أو جهلا بطلت صلاتهم عليهم، وظاهر كلام الشيخ لو تكلم سهوا أو مشى على نجاسة كذلك أنه لا يبني وهو أحد الأقوال الأربعة في المتكلم ساهيا، وقيل إنه يبني، وقال ابن حبيب إن تكلم في حال الذهاب بطلت وفي حال الرجوع صحت

<<  <  ج: ص:  >  >>