ظاهر كلامه أنه لا يشترط أن يكون تفاحشه بادرا، وكذلك ظاهر المدونة وغيرها واشترطه ابن الحاجب ونصه عن دم البراغيث غير المتفاحش النادر، وظاهر كلام الشيخ أنه يجب غسله إذا تفاحش وهو ظاهر كلام غير واحد، وقيل يسحب كالدمل قاله المتيوي وفرق بينهما بالاتصال والانفصال، قال الشيخ خليل رحمه الله تعالى، وذكر مصنف الإرشاد في العمدة قولين إذا تفاحش بالوجوب والاستحباب، وكذلك نقل اللخمي، وقيل لا يؤمر بغسله إلا في الأوقات التي جرت عادت بغسل ثيابه فيها ولا يؤمر بغسله في أثناء الغسلات المعتادة حكاه التادلي ولا أعرفه، وحد التفاحش ما يستحيا به في المجالس بين الناس، وقيل ما له رائحة نقلهما التادلي أيضًا، وألحق صاحب الحلل بدم البراغيث دم البق والقمل.
وبعث أمير إفريقية رجلا يسأل عبد الله بن فروح الفارسي عن دم البراغيث فسأله بمحضر أهل درسه عن ذلك، فقال لا بأس بالصلاة به ثم قال بمحضره: عجبا يسألنا عن دم البراغيث ولا يسألنا عن دم المسلمين التي يسفكها، وكان رحمه الله لا يخاف في الله لومة لائم، وكان مفتي إفريقية يغسل موتى الضعفاء بيده ويحملها على عنقه ويدخلها في قبرها تواضعا منه لله تعالى.
ومن أراد الوقوف سيرته فعليه بالمدارك واعلم أن عادة الشيوخ يتعرضون هنا إلى نظائر منها، أن ثمانية أثواب لا يجب غسلها إلا مع التفاحش: ثوب دم البراغيث والمرضع وصاحب السلس، وصاحب البواسير وثوب الجرح السائل والقرحة وثوب الغازي الذي يمسك فرسه في الجهاد وثوب المتمعش في سفره بالدواب نقله الباجي، وثمانية يجزي زوال النجاسة فيها بغير الماء وهي: النعل والخف والقدم والمخرجان وموضع الحجامة والسيف الصقيل والثوب والجسد وثمانية تحمل على الطهارة وهي: طين المطر وأبواب الدور وحبل البئر والذباب يقع على النجاسة وقطر سقف الحمام وميزاب السطوح، وذيل المرأة وما نسجه المشركون، وثمانية تجب مع الذكر والقدرة وهي: النجاسة والفور والترتيب والتسمية والكفارة في صوم رمضان والفطر في التطوع وترتيب الحاضرتين، وتقديم الفوائت اليسيرة على الحاضرة عند مالك في رواية ابن الماجشون.