وجه تركها فجمعته صحيحة، وعلى الأول فنص ابن بشير وغيره على أنه شرط قال ابن الحاجب: والخطبة واجبة خلافا لابن الماجشون شرط على الأصح قال ابن هارون، وظاهره أن القاتلين بوجوب الخطبة اختلفوا في شرطيتها قال ولا أعرفه لغيره.
قلت: ورد الشيخ خليل الخلاف لقوله واجبة لا لقوله شرط للاتفاق على الشرطية، وما ذهب إليه به أدركت بعض من لقيته يفسره، والأقرب ما فهمه ابن هارون لأن من حفظ مقدم على من لم يحفظ إذ هو ظاهر اللفظ والله أعلم على أنه لا يبعد أن يكون هو معنى ما دلت عليه رواية أبي زيد السابقة.
واختلف في أقل الخطبة على قولين: فقال ابن القاسم أقل ذلك ما يسمى خطبة عند العرب، وقيل أقله حمد الله والصلاة على نبيه صلى الله عليه وسلم وتحذير وتبشير وقرآن قاله ابن العربي واختلف إذا اقتصر على تسبيحة أو تهليلة، وقال ابن القاسم لا تجزئه، وقال ابن عبد الحكم: تجزئه ولو أسر بخطبته حتى إنه لم يسمعه أحد وأنصت لها فإنها تجزئه.
نقله ابن هارون متبرئا منه بقوله قالوا قلت: واعترضه غير واحد من شيوخنا بأن ظاهر المذهب عدم الإجزاء وبأن ما ذكره لم يوجد لغيره، واختلف هل تجب الطهارة لها ام لا؟ فقال سحنون بوجوبها قائلا يعيد من خطب بغير طهارة أبدًا، واختاره ابن العربي وقال ابن الجلاب والقاضي عبد الوهاب هي مستحبة.
(ويتوكأ الإمام على قوس أو عصا):
اختلف قول القاسم هل توكؤه على عصا بيمينه مستحب أم لا، والمشهور عنه هو الأول، وظاهر كلام الشيخ أن القوس مشروع سفرا وحضرا وهو قول مالك في رواية ابن وهب، وروى ابن زياد أن ذلك مختص بالسفر وألحق بعض الشيوخ السيف بهما، واختلف في حكمة ذلك فقيل مخافة أن يعبث بلحيته عند فكرته في الخطبة، وقيل تهيب للحاضرين وإشعار بأن لم يقبل تلك الموعظة فله العصا فإن تمادى قتل بالقوس أو السيف.
(ويجلس في أولها وسطها):
أما الجلوس الأول فلا خلاف أنه مشروع هنا عند الأكثر، وإنما الخلاف في العيدين ونحوهما، وقال عياض روي عن مالك قول كمذهب أبي حنيفة أنه يمنع أن يجلس الإمام على المنبر قبل الخطبة في الجمعة ذكره في الإكمال وهو قول غريب فاعلمه، والمشهور أنه ليس بشرط في صحة الصلاة حتى لو خطب ولو لم يجلس في