وروي عن ابن القاسم أنهم مقدمون على ذكور صغار الأحرار لأن العبد يؤم في الفرض بخلاف الصغير، ثم أحرار النساء ثم صغارهن ثم أرقاؤهن وهو كذلك، ونقل الباجي عن ابن حبيب عن من لقي من أصحاب مالك تقديم المرأة على الصبي، قلت: وعلى نقل أبن حبيب هل اعتمد الشيخ في قوله وجعل من دونه النساء والصبيان من وراء ذلك إلى القبلة ولا اعتراض عليه في ذلك لما تقرر لأن الرسالة لا تتقيد بالمشهور، وكونه لم ينقل ابن حبيب هذا في النوادر لا يدل على عدم وقوفه عليه.
وقول ابن العربي أخذ عليه في تقديم النساء على الصبيان وإن أردنا زوال الإشكال قلنا الواو لا تفيد الترتيب ولا يحتاج إليه لما قلناه والله أعلم، واعلم أنه يقدم الأفضل من أولياء الجنائز فإن تساووا فالقرعة. واختلف في تقديم ولي الذكر إذا كان مفضولا فقال مالك: يقدم ولي المرأة لفضله، وقال ابن الماجشون: بل يقدم ولي الذكر محتجا بأن أم كلثوم بنت سنن لم يتوارثا وجعلا معا، وحمل الغلام مما يلي الإمام، وقال الحسن لابن عزم صل لأنه أخو زيد ورده بعضهم بأن الثابت في هذا الأثر سعيد بن العاص هو الذي صلى عليهما، وكان يومئذ أمير المدينة ذكره ابن هارون واختار اللخمي أنهما إذا تشاحا قدم كل واحد منهما على وليه.
(ولا بأس أن يجعلوا صفا واحدا ويقرب إلى الإمام أفضلهم):
ظاهر كلام الشيخ التخيير من جمع الجنائز صفا من الإمام للقبلة وجعلها من المشرق إلى المغرب وهو قول مالك من رواية أشهب وغيره، وقيل المطلوب الأول فقط قاله مالك أيضًا، وقيل إن قلوا كاثنين فالمطلوب أن يكون أحدهما خلف الآخر وإن جعلا سطرا فواسع بخلاف إذا كثروا قاله ابن كنانة، وقيل حكم العشرين حكم الاثنين بخلاف ما هو أكثر قاله مطرف وابن الماجشون.
(وأما دفن الجماعة في قبر واحد فيجعل أفضلهم مما يلي القبلة):
ظاهر كلام الشيخ أن دفن الجماعة في قبر واحد جائز للضرورة وغيرها وليس كذلك، وإنما مراده إذا كان ذلك للضرورة أما لغيرها فلا، قال أصبغ وعيسى بن دينار.
ونص التهذيب في كتاب الغصب إن دفن رجل وامرأة في قبر واحد جعل الرجل للقبلة قيل أيجعل بينهما حاجز من صعيد ويدفنان في قبر من غير ضرورة؟ قال ما سمعت منه فيه شيئا.