اعلم أنه إذا أغمي عليه كل النهار فإنه يقضي مطلقا على المشهور وقيل إن كان بمرض وإلا فلا قاله ابن هارون وهو ظاهر المدونة لقولها وإن أغمي نهاره كله أجزأه وإن كان ذلك إغماء لمرض به لم يجزه لقيده بالمرض، وأما إذا أغمي بعد انعقاد الصوم وكان يسيرا فلا أثر له وظاهر كلام اللخمي أنه متفق عليه وليس كذلك بل حكى ابن يونس عن عبد الملك أنه يقضي في القليل والكثير، وإما إذا أغمي عليه نصف النهار أو أكثره ففي ذلك أربعة أقوال: فقيل يجزئه، وقيل لا وقيل يجزئه في النصف ولا يجزئه في الأكثر قاله مالك في المدونة، وقال أشهب بأثره هذا استحسان ولو اجتزأ به ما رغب عنه.
(وينبغي للصائم أن يحفظ لسانه وجوارحه ويعظم من شهر رمضان ما عظم الله سبحانه):
ينبغي هنا على الوجوب وإنما خصص الشيخ ذلك برمضان وإن كان غيره كذلك، لأن المعصية تغلظ بالزمان والمكان فمن عصى الله تعالى في الحرم فهو أعظم من الجرأة ممن عصاه خارجا عنه، ومن عصاه بمكة فهو أعظم ممن عصاه خارجا عنها، ومن عصاه بمسجدها فهو أعظم ممن عصاه خارجا عنه، ومن عصاه في الكعبة فهو أعظم مما قبله. وهذا الذي قلناه كان يذهب إليه بعض من لقيناه ممن تولى قضاء الجماعة في تونس، ولقد زاد في حد الخمر عشرين سوطا لرجل أخذ وهو سكران بمقربته من جامع الزيتونة بتونس حرسها الله تعالى لحرمة الجامع، وفي هذا الأخير نظر لأن الحدود لا يزاد عليها لا يقال إنهما أمران لأنه يلزم عليه الزيادة على الحد لمن شرب الخمر بالمدينة ومكة ولا علم أحدا نص على ذلك، وظاهر كلامهم نفيها، نعم الأدب يغلظ بالزمان والمكان.
(ولا يقرب الصائم النساء بوطء ولا مباشرة ولا قبلة للذة في نهار رمضان ولا يحرم ذلك عليه في ليله ولا بأس أن يصبح جنبا من الوطء):
أما الوطء فالإجماع عليه ولو لم يذكره لكان أحسن لأن كلامه يدل عليه من باب أحرى، واعترض ابن الفخار كلام الشيخ لأن ظاهره يقتضي إباحة القبلة لغير اللذة قائلا: وقد تحدث اللذة وإن لم يقصدها والصواب منعها مطلقا، وقد كان بعض السلف بهجر منزله في نهار رمضان.
وقالت عائشة رضي الله عنها "وأيكم أملك لإربه من رسول الله صلى الله عليه وسلم". وظاهر كلام الشيخ أن القبلة منهي عنها سواء كان في فرض أو تطوع لشيخ أو شاب وهو