اختلف المذهب إذا فقدا معًا وهما بنت مخاض وابن لبون على أربعة أقوال: فقيل إن الساعي يكلفه بالأصل وهي بنت مخاض إلا أن يأتيه رب المال بابن اللبون ويراه الساعي نظرا قاله في المدونة.
ووقع لابن القاسم إن أتى بابن لبون قبل مطلقًا، وقال أشهب تتعين بنت مخاض مطلقًا لأنها الأصل فإن أخرج غيرها لم يجزه لأنها من إخراج القيم في الزكاة على أن المنقول عن أشهب في فصل إخراج القيم الجواز ابتداء حسبما يأتي فيكون له قولان، وقيل إن الساعي مخير ذكره ابن المواز تأويلا عن ابن القاسم ولم يرتضه اللخمي، وهذا الخلاف كما قلنا إنما هو مع فقدها وأما إن كان السنان عنده فالواجب بنت مخاض، وقال التونسي لا يبعد أن يأخذ الساعي ابن لبون لأنه إذا جاز أخذه مع عدمه نظرا جاز مع وجوده.
(فما زاد على ذلك ففي كل خمسين حقة وفي كل أربعين بنت لبون):
اعلم أنه إذا كان عند المكلف عشرون ومائة ففيها حقتان بلا خلاف، وكذلك في الثلاثين ومائة حق وبنت لبون، واختلف إذا كان عنده ما بين ذلك على ثلاثة أقوال: فقيل يتعين حقتان قاله مالك خارج المدونة من رواية أشهب، وبه أخذ المغيرة وابن مسلمة وابن الماجشون وعن مالك أيضًا مخير بين ذلك وبين ثلاث بني اللبون.
وقال ابن القاسم بقول ابن شهاب تتعين ثلاث بنات لبون في الإبل أم لا، وهذان القولان كلاهما في المدونة وهذه إحدى المسائل الأربع التي أخذ فيها ابن القاسم بغير قول مالك، والثانية في كتاب المديان أخذ فيها بقول ابن هرمز، والثالثة في تضمن الصناع أخذ فيها بقول ابن أبي سلمة، والرابعة في العتق، الثاني أخذ فيها بقول ابن المسيب ولولا الإطالة لذكرنا نص جميع ذلك كما هو في المدونة، واختلف إذا وصلت الإبل مائتين على أربعة أقوال: فقيل إن الساعي مخير بين أربع حقاق أو خمس بنات لبون قاله أصبغ، وقيل التخيير في ذلك لرب المال واختاره اللخمي، وقبل إن وجدا خير الساعي وإن فقدا أو فقد أحدهما خير رب المال قال ابن القاسم ونحوه لابن المواز، وقيل إن وجدا أو فقدا خير الساعي وإن وجد أحدهما خير رب المال وهو المشهور.