وذكر الشيخ أن الشروط وجوبه أربعة: الاستطاعة والإسلام والحرية والبلوغ وهو كذلك عند غيره. قال ابن عبد السلام: وقد كثر استدلال الأصوليين على أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة بظاهر قوله تعالى: (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً)[ال عمران: ٩٧]
واستدلالهم ظاهر وعلى هذا إنما يكون شرطا في الصحة لا في الوجوب، وما ذكر الشيخ أنه فرض مرة في العمر هو كذلك بإجماع إلا ما حكاه ابن العربي عن بعضهم ممن لا يلتفت إليه.
(والسبيل الطريق السابلة والزاد المبلغ إلى مكة والقوة على الوصول إلى مكة إما راجلا وإما راكبًا مع صحة البدن):
اعلم أنه إذا كانت الطريق غير سابلة فإن كان يخاف على نفسه يسقط اتفاقًا وإن كان إنما يخشى على بعض ماله فإن كان مما يجحف به سقط وإلا فقولان هكذا قال غير واحد، وقال ابن عبد السلام: الأقرب أن الخلاف عموما سواء أجحف به أم لا لاختلاف ابن القاسم وغيره فيما إذا لم يكن له إلا مقدار ما يكفيه لحجه خاصة ولا يبقى له ما يعيش به بعد ذلك، ولا يترك لولده شيئًا فقال ابن القاسم يجب وقال غيره يسقط لأن هذا من الحرج والمعتبر في الاستطاعة الإمكان من غير تحديد على المشهور وكأنه ظاهر كلام الشيخ، وقال سحنون وابن حبيب باعتبار الزاد والراحلة وهو قول ابن أبي مسلمة، ومذهب الأكثرين خارج المذهب واحتجوا بما رواه جماعة من الصحابة رضي الله عنهم عن النبي صلى الله عليه وسلم، واللفظ هنا لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: ملك زادا وراحلة تبلغه إلى بيت الله ولم يحج فلا عليه أن يموت يهوديا أو نصرانيا وذلك أن الله عز وجل يقول: (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً) وأجابه أصحاب القول الأول بوجهين أحدهما أن هذا الحديث مطعون في صحته.
قال الترمذي هو غريب في اسناده وكذلك حديث ابن عمر في إسناده من تكلم فيه من قبل حفظه وكذلك الأحاديث التي خرجها الدارقطني في هذا المعنى، قال عبد الحق ليس فيها إسناد صحيح. الثاني أنه معارض لظاهر الآية لأنه قد توجد الاستطاعة بدون الراحلة كما في حق الصحيح القريب المسافة ويوجد الزاد والراحلة والاستطاعة، كما في حق الهرم وإذا ثبت ذلك وجب الاعتماد على ظاهر الآية وهذا الوجه الأخير