(ويؤمر أن يغتسل عند الإحرام قبل أن يحرم ويتجرد من مخيط الثياب ويستحب له أن يغتسل لدخول مكة):
الأصل في ذلك فعله صلى الله عليه وسلم والأكثر على أن الغسل للإحرام سنة معلل بالنظافة ولذلك تفعله الحائض ووقع لمالك إطلاق الاستحباب عليه.
(ولا يزال يلبي دبر الصلوات وعند كل شرف وعند ملاقاة الرفاق، وليس عليه كثرة الإلحاح بذلك فإذا دخل مكة أمسك عن التلبية حتى يطوف ويسعى ثم يعاودها حتى تزول الشمس من يوم عرفة ويروح إلى مصلاها):
الشرف هو الجبل والمكان العالي والرفاق جمع رفقة بضم الراء وقد تكسر قال الأزهري وهي الجماعة يترافقون للنزول والتحمل ويرتفق بعضهم بمؤنة بعض وما ذكر الشيخ أنه يقطع إذا دخل مكة هو أحد الأقوال الأربعة، وقيل يقطع بنفس دخوله الحرم لمن أحرم من ميقاته، وقيل إذا دخل المسجد وقيل إذا ابتدأ الطواف وما ذكر أنه إذا عاودها يقطعها إذا راح إلى المصلى هو أحد الأقوال الثلاثة وكلها في المدونة قال فيها إذا فرغ من سعيه وعاد إلى التلبية فلا يقطعها حتى يروح يوم عرفة إلى المسجد، قال ابن القاسم يريد إذا زالت الشمس وراح يريد الصلاة قطع التلبية.
وثبت مالك على هذا وعلمنا أنه رأيه لأنه قال لا يلبي الإمام يوم عرفة على المنبر ويكبر بين ظهراني خطبته ولم يوقت في تكبيره وقتا، وقال مالك قبل ذلك يقطع التلبية إذا خرج إلى الموقف وكان يقول يقطع إذا زاغت الشمس ثم رجع فثبت على ما ذكرناه، واختلف الشيوخ ما المختار واختار ابن القاسم الأول واختار أشهب الثاني، واختار ابن المواز الثالث، وذهب ابن خالد إلى أن جميع ما في الكتب يرجع لقول واحد وذهب غيره إلى أنها راجعة لقولين وقدر كل واحد منهما قوله بما فيه تكلف وقول ابن القاسم وثبت مالك على هذا يضعها معًا فلا يتشاغل بكيفية جملها.
(ويستحب أن يدخل مكة من كدا الثنية بأعلى مكة وإذا خرج خرج من كدى وإن لم يفعل في الوجهين فلا حرج):
كداء الأول قال خليل يفتح الكاف والدال غير مصروف وهو في حديث ابن عمر بالصرف وفي حديث الهيثم بضم الكاف مقصورة وللقابس فإذا عرفت هذا فقول الفاكهاني لا أعرف إلا منونا ولا يبعد فيه منع الصرف إذا حمل على البقعة إذ هو علم على المكان المخصوص المعروف به قصور، قال ابن المواز وهي المنازل بأعلى مكة