فيها بل هو دليل عدم ذكرهما، وعلل ابن عمر رضي الله عنه عدم تقبيلها بأنهما ليسا على قواعد إبراهيم عليه السلام وقبلوه قال القابسي وغيره لو أدخل الحجر في البيت حتى عاد الركنان على قواعد إبراهيم عليه السلام لقبلا.
(فإذا تم طوافه ركع عند المقام ركعتين ثم استلم الحجر إن قدر):
اختلف في مقام إبراهيم عليه السلام فقال ابن عباس وقتادة وغيرهما وخرجه البخاري أنه الحجر الذي ارتفع عليه إبراهيم عليه السلام حين ضعف عن رفع الحجارة التي كان إسماعيل عليه السلام يناوله إياها في بناء البيت وغرقت قدماه فيه، وقال الربيع بن أنس هو حجر ناولته إياه امرأته فاغتسل عليه وهو راكب جاءت به امرأته من شق إلى شق فغرقت رجلاه فيه حين اعتمد عليه، وقال فريق من العلماء المقام المسجد الحرام، وقال عطاء بن أبي رباح المقام عرفة والمزدلفة والجمار وقال ابن عباس مقامه مواقف الحج كلها وقال مجاهد مقامه الحجر كله.
(ثم يخرج إلى الصفا فيقف عليه للدعاء ثم يسعى إلى المروة ويخب في بطن المسيل فإذا أتى المروة وقف عليها للدعاء):
الصفا والمروة جبلان بمكة الصفا جمع صفاة وقيل اسم مفرد وجمعه صفي وأصفاء، والمروة واحد المرو وهي الحجارة الصغار التي فيها لين وذكر الصفا قيل لأن آدم عليه السلام وقف عليه وأنث المروة لأن حواء وقفت عليها، وقيل كان من الصفا صنم يسمى إسافا وعلى المروة صنم يسمى نائلة فأطرد ذلك على التذكير والتأنيث قاله ابن عطية وبطن المسيل بطن الصفا والمروة وأهل مكة يقولون له الميل الأخضر والسعي واجب ولا يجبر بالدم خلافا لأبي حنيفة.
(ثم يسعى إلى الصفا يفعل سبع مرات فيقف بذلك أربع وقفات على الصفا وأربعًا على المروة):
قال ابن رشد في مقدماته: أصل السعي بين الصفا والمروة في الحج هو ما جاء في الحديث الصحيح من أن إبراهيم عليه السلام لما ترك ابنه إسماعيل مع أمه بمكة وهو رضيع نفد ماؤها وعطشت وعطش ابنها وجعلت تنظر إليه يتلون أو قال يتلبط، وانطلقت كراهة أن تنظر إليه فوجدت الصفا أقرب جبل يليها فقامت عليه ثم استقبلت الوادي لتنظر هل ترى أحدا فلم تر أحدا فهبطت من الصفا حتى إذا بلغت الوادي رفعت طرف ردائها ثم سمعت سعي الإنسان المجهود حتى جاوزت الوادي ثم أتت المروة.