قال ابن عبد السلام: وأظن أن الإمام رحمه الله لم تبلغه الأحاديث لأنه في الموطأ إنما حكي في ذلك بعض أهل العلم أعني كونه مثل حصى الخذف وعقبه بأن قال وأكبر من ذلك قليلاً أعجب إلى وأقرب ما قيل في الاعتذار عنه أن حصى الخذف لا تنضبط لأن فيه الصغير والكبير واستحب الأكبر لأن فيه القدر المشروع وزيادة وفيه نظر. ويشترط كونه حجرا فلا يجزئ المدر عنه مالك.
وتردد الشيخ أبو على حسان بن مكي من طبقة الإمام المازري هل تجزئ الأحجار النفيسة والخاتم أم لا؟ قال بعض شيوخنا ويرد توقفه برواية ابن رشد إنما يجزئ بالحصي لا المدر ولا الطين اليابس، وما رمي به المشهور لا يرمي به، وروي ابن وهب من سقطت له حصاة أخذ من موضعه حصاة رمي بها، وروى ابن القاسم يكره رميه بما رمي به فإن فعل فأرجو خفته، وقال أشهب إن نفدت حصاه فأخذ من الجمرة حصاة ورمي بها لم تجزه، وقول الباجي الذي يظهر لي أنها كالوضوء بالماء المستعمل سبقه به ابن شعبان شيوخنا قال اللخمي عنه لا تجزئ لأنه تعبد به كما لو توضأ به ونبه على هذا بعض شيوخنا قال اللخمي وهذا فيما رمى به غيره، ولو كرر رميه بحصاة واحدة سبعًا لم يجزه قال بعض شيوخنا، وكأنه خلاف ظاهر المدونة من نفدت حصاه فأخذ ما بقي عليه من حصى الجمرة أجزأه، قال أبو عمر بن عبد البر أحسن ما قيل في علة قلة الجمار بمنى، قول أبي سعيد وابن عباس إنها قربان ما تقبل منها رفع ولو كان أعظمهن من ثبير، وقول الشيخ يكبر مع كل حصاة يريد رافعا صوته ابن المواز وفي المدونة إن سبح قال التكبير سنة فإن رمى السبع مرة احتسب منها بواحدة، فإن ترك التكبيرة فلا شيء عليه فقال أبو عمر إجماعا.
(ثم ينحر إن كان معه هدي ثم يحلق ثم يأتي البيت فيفيض فيطوف سبعًا ويركع):
قال عبد الوهاب: ما يفعل بمنى من رمي ونحر وحلق فلا شيء عليه في تقديم بعضه على بعض إلا تقديم الحلاق على الرمي ففيه دم، وقال ابن بشير إن ابتداء بالنحر قبل الرمي فالمذهب سقوط الفدية وإن ابتدأ بالحلق قبل الرمي فقولان، وسقوط الدم وجوبا لمالك وعبد الملك قال غير واحد وإن ابتدأ بالإضافة قبل جمرة العقبة فقال مالك وابن القاسم تجزئه الإفاضة وهو في يوم النحر آكد وكذلك إن أفاض قبل حلقه فقيل إنه لا يجزئه وقيل إنه يجزئه وقيل تستحب الإعادة ولا تجب، قال عياض وعن مالك في الموطأ أحب إلى أن يهدي ومثله لابن عبد السلام ووهمهما بعض شيوخنا