حبيب روي أنه إذا نزل العدو بموضع مرة فهو رباطي أربعين سنة، وروى ابن وهب: الرباط أحدب إلى من الغزو على غير وجهه وهو على وجهه أحب إلى من الرباط قال ابن رشد: إلا إذا خيف على موضع الرباط قال الباجي لا يبلغ الرباط درجة الجهاد وروى ابن وهب لم يبلغني أن أحدا ممن يقتدي به من صحابي ويغره خرج من المدينة إلى الرباط إلا واحدًا أو اثنين وهي أحب المساكين إلا من خرج له ثم رجع إليها قال ابن حبيب، وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:" تمام الرباط أربعين ليلة".
(ولا يغزي بغير إذن الأبوين إلا أن يفجأ العدو ومدينة قوم ويغيرون عليهم ففرض عليهم دفعهم ولا يستأذن الأبوان في مثل هذا):
ظاهر كلامه ولو كانا مشركين وهو كذلك قال سحنون قائلاً: إلا أن يعلم أن منعهما كراهية إعانة المسلمين قال وبر الجد والجدة واجب وليس كالأبوين وأحب أن يسترضيهما ليأذنا له فإن أبيا فله أن يخرج.
قلت: في كلامه تناف فتأمله ونص ابن المواز في ذلك، لا يغزي إلا بإذن أجداده فأخذ منه القاضي عياض أن بر الجد مساو لبر الأب، ومن قولهم لا يقتص منه لابن ابنه واختلف في تغليظ الدية عليه وفي قطعه إذا سرق من مال ابن ابنه وقال الطرطوشي بره دون بر الأب، واحتج بقول المدونة ويحبس للولد من سوى الأبوين من الأجداد والأقارب قال ابن عبد السلام: في باب التفليس: وهو أحسن لأن مقصوده أن لكل واحد من الجد والأب حظا من البر على الولد إلا أن حظ الجد دون حظ الأب، وذلك حاصلا قطعا من قول مالك يحلف الجد ولا يحلف الاب ويشتر كان معًا في البر في غير هذا من المسائل التي ذكرها عياض وإنما يتم احتجاج عياض على من يدعي أن الجد لا حظ له من البر، وهذا لم يذهب إليه أحد وقبله خليل، قال ابن المواز فإن خرج دون إذن أبويه خوف فساد جهازه رجع حتى يأذنا له قال مالك: إن أبيا فلا يكابرهما ولا يأكل جهازه وليدفعه أو ثمنه إن خاف فساده إلا أن يكون مليا فيلفعل به ما يشاء حتى يمكنه الغزو فإن مات رجع ميراثا ولو جعله على يد غيره إلا أن يوصي به فيخرج من ثلثه ويشهد بإنفاذه على كل حال فيكون من رأس ماله، وسمع ابن القاسم: للمدين العديم الغزو دون إذن غريمه قاله سحنون ولو كان مليا بدينه ويحل قبل قدومه، فله الخروج إن وكل من يقضي عنه، والعبد ولو كان مكاتبًا لا يغزو إلا بإذن سيده ونقل العتبي عن سحنون قال: أرادت غزوا في البحر فنهاني عنه ابن القاسم قال ابن رشد لأنه علم منهم أنهم كانوا لا يغزون على الصواب، ولا يحافظون فيه على الصلاة في أوقاتها قلت أو لرجحان العلم على الجهاد وقد ذكر عياض في مداركه أن ابن القاسم.