قال التادلي: وظاهر كلامه أن اليمين بالله مباحة لأن الأمر أقل مراتبه الإباحة. قلت: بل ظاهره أنه مرجوح لقوله: "ومن " وبه قال بعض الشيوخ لسماع أشهب وابن نافع كان عيسى عليه السلام يقول لبني إسرائيل كان موسي ينهاكم أن لا تحلفوا بالله إلا وأنتم صادقون وأنا أنهاكم أن تحلفوا بالله لا صادقين ولا كاذبين.
وقال ابن رشد: قول عيسى بخلاف شرعنا لأنه صدر منه صلى الله عليه وسلم كثيرًا وأمره الله به فلا وجه لكراهته لأنه تعظيم لله تعالى يحتمل أن يكون كراهية عيسى عليه السلام خوف الكثرة فيؤول إلى الحلف بالكذب أو التقصير في الكفارة ولا خلاف أن اليمين بما دل على ذاته العلية جائز، وأما الحلف في جوازه بصفاته الحقيقية كعلمه وقدرته وجلاله ففيه طريقتان الأكثر على أن ذلك جائز باتفاق، وقال اللخمي: اختلف في جواه بصفاته كعزته وقدرته فالمشهور جوازه وروى محمد وابن حبيب لا يعجبني بلعمر الله وأكرهه بأمانة الله وضعفه بعض شيوخنا لقول ابن رشد في الكفارة: في لعمر الله نظر لأن العمر على الله محال وباشتراك أمانة الله قال: فإذا كره اليمين بهما فلا يلزم ذلك في غيرهما وأما الحلف بما هو مخلوق فقيل: ممنوع قاله اللخمي ونحوه قال ابن بشير: إنه حرام وقيل: مكروه قاله ابن رشد وحملهما ابن الحاجب على الخلاف قال: واليمين بغير ذلك مكروه، وقيل حرام وصرح الفاكهاني بأن المشهور الكراهة ولم يعزها.
وقال ابن عبد السلام: ويحتمل أن ترجع الكراهة للتحريم وأما الحلف بما عبد كاللات فإن اعتقد تعظيمها فكفر وإلا فحرام يلزمه أن يتوب وقال ابن بشير وإلا فعاص ويستحب أن يستغفر واعترضه التادلي بأن قوله فعاص ينافي استحبابه.
(ويؤدب من حلف بطلاق أو عتاق ويلزمه):
قال التادلي: ظاهر كلامه أن اليمين بالطلاق والعتاق حرام لأنه أثبت فيهما الأدب ولا يلزم الأدب إلا في ارتكاب المحظور ونص مطرف وابن الماجشون على ذلك إذا تعدد الحلف بهما وهي جرحة في الشهادة والأمانة، قال ابن القاسم ويضرب من لا امرأة له ومن ليس عنده ما يعتق أكثر لإضافته إلى النهي الكذب.
قلت: يرد قوله بأن التأديب لا يلزم إلا في ارتكاب المحظور بأن تأديبه قد يكون باستخفافه بالسنة كقول ابن خويزمنداد: إن من استدام ترك السنة فسق وإن تمادي عليه أهل بلد حوربوا بأحد القولين إنه يجب تغيير المنكر فيما طريقته الندب، وبهذين