ذلك أثم، وكان كمتعمد الكذب وهي أعظم من أن تكفر، وحملها غير واحد على أنه وافق البر في الظاهر لأن أثم جرأته بالإقدام على الحلف شاكا يسقط عنه، وأقام بعض من لقيناه من قولهم هنا بإسقاط الكفارة في الغموس من أن إثمها أعظم من أن تكفر سقوط قضاء الصلاة إذا تركت عمدًا، ويرد بأنه تخريج في محل النص قال صلى الله عليه وسلم:"من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها" فإن ذلك وقت لها فإذا وجب القضاء فيما نسيه فأحرى العامد والله أعلم.
(والكفارة إطعام عشرة مساكين من المسلمين الأحرار مدًا لكل مسكين بمد النبي صلى الله عليه وسلم وأحب إلينا أن لو زاد على المد مثل ثلث مد أو نصف مد وذلك بقدر ما يكون وسط عيشهم في غلاء أو رخص ومن أخرج مدا على كل أجزأه):
ما ذكر الشيخ من اشتراط المسكنة في أخذ الكفارة هو بنص التنزيل وأما اشتراط الإسلام فذلك بالقياس على الزكاة، وأما اعتبار الحرية فلأن العبد غني بسيده ومن فيه عقد حرية كأم الولد كأن كان السيد فقيرا أو لا يمكنه بيعها لكن السيد قادر على أن يعتقهم إن عجز عن نفقتهم فهم كالأغنياء، وأما اعتبار المد فقال ابن القاسم: حيثما أخرج مدًا أجزأه كما هو ظاهر كلام الشيخ.
وقال مالك بعد أن ذكر المد في المدينة: فأما سائر الأمصار فإن لهم عيشا غير عيشنا، وأفتى أشهب بمد وثلث بمصر وأفتى ابن وهب بمد ونصف وكلاهما ليس بخلاف لمالك والخلاف بينهما في قدر المزيد خلاف في حال قاله ابن عبد السلام.
وحمل بعض الشيوخ قول ابن القاسم على أنه خلاف لقول مالك وعليه حمله اللخمي لقوله قول مالك أبين منه، وخرج اللخمي من الخلاف في الجنس هل المعتبر قوت المكفر أو قوت أهل البلد خلافًا في المقدار هل يعتبر قدر قوته أو قوت أهل البلد واختلف إذا غدى أو عشى فالمعروف الإجزاء، وقال الشافعي: لا يجزئ.
قال ابن عبد السلام: وهو ظاهر قول يحيي لا أعرف فيها غداء ولا عشاء.
قلت: ما ذكره عن يحيى نقلته لبعض من لقيته من أشياخي ممن يظن به حفظ المذهب من غير مطالعة في كتب غير ما مرة فلم يقبله قائلاً: لا أعرف من نقله. قال غيره: ولا غرابة فيه وهو في المبسوط عنه وزاد بل مدا نبويا وعلى المعروف فهل يجزئ إذا غدى أو عشي قفارا من غير إدام أم لا؟ فقال ابن مزيز يجزئ وقال ابن