على المشهور ومال الشيخ أبو الحسن اللخمي إلى عدم جبرها لحديث مسلم " البكر يستأذنها أبوها" ونحوه لابن الهندي، وأفتى به الشيخ أبو القاسم السيوري فيما ذكر بعض من جمع فتاوى جماعة من الإفريقيين. قال في المدونة: ولا يجبر أحد أحدا على النكاح إلا الأب في ابنته البكر وظاهرها ولو كانت البكر مرشدة، وهو كذلك في اختيار ابن عبد البر قال المتيطي وغيره: المشهور ولا يجبرها، وعليه فإذنها لابد أن يكون نطقا قاله ابن الهندي وابن القطان والباجي وهو المشهور، وقيل: صماتها كاف قاله ابن لبانة، وقيل مثله إن كان صداقها عينا وإن كان عرضا طولبت بالكلام قاله غير واحد، وظاهرها ولو كانت معنسة وهو أحد قولي مالك من رواية محمد بن المواز وروى ابن وهب عنه لا يجبرها.
ونقله أبو إبراهيم عن مالك قائلاً: ومثله رواية عبد الرحيم في كتاب الكفالة، واختلف في حد التعنيس فقيل: الأربعون سنة وقال ابن وهب ثلاثون سنة وقيل: خمس وثلاثون سنة وقيل: خمس وأربعون وقيل: من الخمسين إلى الستين وقيل: ثلاثة وثلاثون وقيل: خمسون فيتحصل فيها سبعة أقوال، وكل هذا في ذات الأب، وأما إن كانت مهملة فقيل لا يبلغ بها الثلاثين ولابن الماجشون يبلغ بها ذلك.
وقال أصبغ: أربعون وقيل: من الخمسين إلى الستين، ولما ذكر ابن عبد السلام هذه الأقوال قال: وأنت تعلم أن وجود دليل شرعي على مثل هذا التحديث متعذر وحيث يجبر الأب ابنته فهل يستحب له أن يستأذنها أم لا؟ اختلف في ذلك على قولين حكاهما اللخمي وتعقبه ابن بشير بأن ظاهر المذهب استحبابه اتفاقا، ورده بعض شيوخنا بنقل الباجي روى عيسى عن ابن القاسم إنكاره ومثله لخليل قائلاً: في كلام اللخمي نظر من وجه آخر وذلك أنه نسب القول بعدم الاستحباب للمدونة وهو لا يؤخذ منها لأن الذي فيها ليس المشهور لازمة وذلك لا ينافي الاستحباب، والاستحباب أولى وهو الذي اقتصر عليه ابن الجلاب للخروج من الخلاف ولتطييب قلبها ولأنها قد يكون بها عيب فتظهره حينئذ.
(وأما غير الأب في البكر وصي أو غيره فلا يزوجها حتى تبلغ وتأذن وإذنها صماتها):