فقيل: يفسخ أبدا وعكسه وقيل: يفسخ قبل البناء لا بعده قاله في المدونة وهو المشهور وعليه الشيخ وكلها لمالك، ولم يقف ابن عبد السلام على القول بعدم الفسخ لمالك لقوله ذكره غير واحد ولم ينسبه وأجابه خليل بأن عبد الوهاب في الإشراف نقله، وكذلك نقله ابن الجلاب أيضا.
وظاهر كلام الشيخ أن فسخه قبل البناء على طريق الوجوب، وهو كذلك عند جميع المغاربة الذي هو منهم، وذهب العراقيون إلى أن ذلك على طريق الاستحباب، وكلاهما تأويل على المدونة ولو دعا الزوج إلى البناء والنفقة فأنفق ثم عثر على الفساد، وفسخ فقيل يرجع بها عليها كمن اشترى من رجل داره على أن ينفق على البائع حياته، وقال عبد الله بن الوليد: لا يرجع بها عليها لأن الفسخ قبل البناء غير واجب إذ أجازه جماعة من العلماء إذا عجل ربع دينار، ورده بعض شيوخنا بأن الفرض الحكم بفسخه، ومراعاة الخلاف مع الحكم بنقضه لا يصح، ويجاب بأنه إنما قصد مراعاة الخلاف.
وأجرى غير واحد ممن لقيته ذلك الخلاف في الحمل إذا نقش بعد النفقة عليه، وذكر في المدونة من الأشياء التي فسادها في الصداق الجنين في بطن أمه ثم قال وما هلك بيد الزوجة ضمنته قبل قبضه وتكون مصيبتها من الزوج وما قبضت ثم تغير في يدها في بدن أو سوق فقد فات وترد القيمة فيما له قيمة والمثل فيما له مثل وأقام عياض من مسألة الجنين أن يبيع التفرقة بقيمة حوالة الأسواق.
(وما فسد من النكاح لعقده وفسخ بعد البناء ففيه المسمى):
قال الشيخ أبو الحسن اللخمي كل نكاح أجمع على فساده فإنه يفسخ أبدا وكل نكاح اختلف فيه، فإن كان فساده لعقده فسخ قبل البناء وفي فسخه بعده خلاف كنكاح المريض والمحرم ومثله نقل ابن شاس.
وقال ابن الحاجب: وما اختلف فيه فإن كان بنص أو سنة أو لحق الورثة فكذلك يعني يفسخ أبداً اتفاقا فإن لم يكن كذلك، فإن كان لخلل في عقده ففي فسخه بعد الدخول قولان، واعترضه بعض شيوخنا من ثلاثة أوجه:
أحدها: أن نكاح المريض مختلف فيه كما سبق.
الثاني: أن قوله وإن كان لنص أو سنة خلاف إطلاق الشيوخ وظاهر الروايات الحكم في المختلف فيه مطلقا.