ونقل ابن عبد السلام عن ابن رشد أن لبن الكبيرة التي لا توطأ من كبر لغو، وتعقبه بعض شيوخنا بأن ابن رشد لم يذكره بل قال في مقدماته تقع الحرمة بلبن البكر والعجوز التي لا تلد وظاهره ولو كانت صاحبة اللبن ميتة وهو نص المدونة، وقال ابن رشد: كان يجري لنا في المذكرات قول بأنه لغو وعزاه ابن شاس لنقل ابن شعبان قال ابن عبد السلام: ولا يقال هذا الصواب لأن قوله تعالى: (وأمهاتكم التى أرضعنكم)[النساء: ٢٣]
يخرج الميتة لكونها لا توصف بكونها أرضعت لأنا نقول إنما خرج مخرج الغالب فلا مفهوم له، وأيضًا فإنه منقوض بما لو حلب غيرها من ثديها وأوجر به صبيا أو أرضع منها الصبي وهي نائمة، واختلف إذا كان المرضع ذكرا على ثلاثة أقوال: فقيل إن إرضاعه معتبر قال ابن اللبان الفرضي، قال أبو الحسن اللخمي وبه قال شيخنا وهو أبين وفي المدونة لا أثر له وهو المشهور.
وقال ابن شعبان: وروى أهل البصرة عن الشافعية ومالك أنه يكره، واختلف إذا كان اللبن مغلو بغيره كطعام مزج بلبن فقيل إنه معتبر قاله مطرف وابن الماجشون وأشهب ولم يعزه ابن عبد السلام إلا لأشهب قائلاً: وعليه فانظر إذا كان اللبن مغلوبًا ينبغي أن يقدر في الواصل إلى بطن الصبي مقدار مصة خالصة لا أقل من ذلك وفي المدونة أنه لا يحرم وأخذ أبو عمران الفارسي منها أنه يشتري من الأسواق ولا يسأل عن حليه ما فيها إذا كان الغالب الحلال.
(ولا يحرم ما أرضع بعد الحولين إلا ما قرب منهما كالشهر ونحوه وقيل والشهرين):
القول باعتبار الشهرين هو نص التهذيب، والقول الأول من قولي الشيخ عزاه المتيطي لابن حبيب وابن القصار، وروى أبو الوليد اعتبار ثلاثة أشهر، وقيل باعتبار شهر فقط رواه ابن الماجشون، وفي المختصر لمالك الأيام اليسيرة وله في الحاوي اعتبار نقضان الشهر وبه قال سحنون، ونقل ابن رشد قولا باعتبار يومين، ونقل الباجي عن ظاهر الموطأ ورواية ابن عبد الحكم أن المراعي الحولان فقط فيتحصل في مقدار الزمان المعتبر ثمانية أقوال، ثم اعلم أن زيادة الشهر والشهرين على المشهور إنما هو تمام الحولين لقوله تعالي (حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة)[البقرة: ٢٣٣]
فدل على أن ثم حولين غير كاملين بما يدور عليهما الزمان فزاد الشهرين لذلك وللاحتياط من مذهب غير الذي يقول إن الرضاع للكبير فاحتاط بالشهرين فما رضع