وسمع أشهب وابن نافع أن من توفي زوجها وقد امتشطت أنتقض مشطها قال لا رأيت ول كانت مختضبة في سائر جسدها لوجب غسله كما يجب عليها نزع الزينة وكما يجب على الرجل إن أحرم وهو متطيب غسل طيبه، قلت وتعقبه بعض شيوخنا بوجهين:
أحدهما: أن تفسيره بما ذكر يقتضي منعها من الامتشاط بغير طيب، وهو خلاف قول المدونة تمتشط بالسدر وشبهه مما لم يختمر في رأسها.
والثاني: قوله لوجب كما يجب على الرجل إن أحرم وهو متطيب غسل طيبه هو خلاف قول الشيخ عبد الحق في تهذيبه.
قال بعض شيوخنا: إذا لزمتها العدة وعليها طيب فليس عليها غسل بخلاف من يحرم وعليه طيب، قال عبد الحق: يحتمل أن يفرق بينهما بأن المحرم أدخل الإحرام على نفسه فلو شاء نزع الطيب عنه قبل أن يحرم وبأن فيما دخل على المرأة من وفاة زوجها والاهتمام به شغلا لها عن الطيب.
(وتجتنب الصباغ كله إلا السواد):
ما ذكر من أن لباس السواد جائز هو قول عروة في المدونة وذكر قبله فيها عن مالك لا تلبس من الثياب المصبوغة ولا من الحلي شيئا فظاهره العموم ونبه على هذا بعض شيوخنا، وفسر اللخمي المذهب بجوازه وعزاه الباجي لرواية محمد، وقال القاضي عبد الوهاب كل لون يتزين به النساء تمنع منه الحاد، قال اللخمي وهذا أحسن ورأي أن تمنع الثياب الحسنة وإن كانت بيضاء وكذلك رفيع السواد ولا تمنع الأخضر والأزرق والوردي وتمنع النفيس من الحرير وإن لم تجد إلا مصبوغا باعته أو غيرته بسواد، وقد يستخف بقاؤه بحاله إن كان في تغييره فساد.
قلت: ظاهر كلامه أنه حمل قول القاضي على الخلاف لقوله وهذا أحسن والأقرب أنه تفسير ويحمل على أن كل أحد تكلم على عرفه. فالسواد في الزمان الأول كان ليس من الزينة المعتادة فلهذا أجازه من تقدم ذكره بخلاف الأبيض ولو كان عرفهم على العكس لا نعكس الحكم والله أعلم.