ما ذكر الشيخ من أن الذهب بالذهب والفضة بالفضة لا يجوز فيه التفاضل هو كذلك وهو مخصوص عندنا بالمبادلة فإنه يجوز أن يبادل الثلاثة دنانير أو أقل بأوزن منها اتفاقًا ولا يجوز السبعة بأكثر اتفاقا واختلف فيما بينهما على قولين، واختلف هل ذلك سدس في الدينار أو دانقان على قولين حكاهما ابن شاس.
قال ابن عبد السلام: والأول ظاهر المدونة ورده بعض شيوخنا بأنه لم يذكره تحديدا بل فرضًا ونصها: ولو أبدل ستة دنانير تنقص سدسًا سدسًا فلا بأس به، قلت: وسمعت غير واحد من شيوخي يقول إن الجزء من الدينار كالدينار، واختلف في الفلوس هل حكمها حكم العين في ربا الفضل والنسا وذلك جائز أو مكروه على ثلاثة أقوال، وأخذ التحريم والكراهة من قول المدونة وليست بحرام بين ولذاكره التأخير فيها، ومنهم من تأول الكراهة فيها على التحريم فردها إلى قول واحد وبه أقول ومثله منعه في السلم الثالث من المدونة بيعها جزافا كالعين، ويعارض ذلك قول زكاتها ألا تزكي إلا في الإدارة كالعروض وقولها في سلمها الثاني إذا باع بها وكيل ضمن لأنها كالعروض إلا سلعة يسيرة إلى غير ذلك من النظائر.
واختلف إذا اشترى ببعض درهم ودفع درهما ورد عليه باقيه على ستة أقوال: فقيل أنه جائز وإن كانت أكثر من النصف وهذا نقله التونسي مع صاحب الأمر المهم قاصرا ما زاد على النصف على ثلاثة أرباعه مضعفا له قال بعض من لقيناه ومثل هذا حكي في أحكام الشعبي عن أبي زيد قال: كان أبو بكر بن اللباد يبعثي بالدرهم أشتري يجزئه بقلا وأرد عليه بقيته خراريب وقيل يمنع ذلك مطلقا.
قاله سحنون وصوبه ابن عبد السلام قائلاً: لم يثبت أن الشرع اعتبر هذه الضرورة وإن ثبت اعتبارها في غير هذا الباب فلا تتحقق المساواة بين هذا الباب وبين ذلك الموضع، قلت: وأخذ من المدونة قال فيها أصل قول مالك لا تجوز فضة بفضة مع أحدهما أو مع كل منهما سلعة ولو كانت الفضة يسيرة وقيل: يمنع ما زاد على الثلث وقيل: ما زاد على النصف وهو المشهور وقال مالك في الموازية: كنا نكرهه فحمله بعض شيوخنا على ظاهره والأقرب رده إلى التحريم وقيل: إن كان في البلد خراريب فلا يجوز أن يرد نصفه ويأخذ نصفه طعام إذ لا ضرورة وهذا ذكره ابن يونس على طريق التقييد، وظاهر كلام غير خلافه وإليه ذهب بعض من لقيناه.
(والطعام من الحبوب القطنية وشبهها مما يدخر من قوت أو إدام لا يجوز الجنس منه