وقال الغزالي في كشف أمور الآخرة: إن الميت إذا حان أجله نزل عليه أربعة من الملائكة ملك يجذب نفسه من قدمه اليمنى وملك يجذبها من قدمه اليسرى وملك يجذبها من يده اليمنى وملك يجذبها من يده اليسرى ثم يطعنه ملك الموت بحربة فيقبض نفسه. ومن الناس من يقبض وهو قائم يصلي أو نائم أو سائر في بعض أشغاله أو منعكف على لهو وهي ميتة البغتة فيقبض نفسه مرة واحدة، ومن الناس من إذا بلغت نفسه الحلقوم كشف له عن أهله السابقين من الموتى وحيئنذ يكون له خوار يسمعه كل شيء إلا الإنس لو سمعه لهلك وصعق.
وظاهر كلام الشيخ أنه يقبض روح غير الآدمي من الحيوانات وهو كذلك وقال بعض المبتدعة أعوانه تتولى قبض أرواح الحيوانات، ونص الشيخ أبو الحسن على أن الموت صفة وجودية وهي ضد الحياة، قال الشيخ أبو إسحاق الإسفراييني: الموت راجع إلى عدم الحياة وبينهما احتجاج يطول ذكره وهو مبسوط في كتبه.
(وإن خير القرون القرن الذين رأوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وآمنوا به ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم):
اختلف في مقدار القرن على أحد عشر قولا فقيل عشر سنين، وقيل عشرون وقيل ثلاثون وقيل أربعون وقيل خمسون وقيل ستون وقيل سبعون وقيل ثمانون وقيل مائة وقيل مائة وعشرون، وقيل من عشرة إلى مائة وعشرين، وقال الجوهري القرن من الناس أهل زمان واحد وأنشد:
إذا ذهب القرن الذي أنت فيهم = وخلفت في قرن فأنت غريب
والمقصود بهذا اعتبار تفاوت القرن في الفضل، وفسر الشيخ القرن بمن رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم وآمن به ثم من رآهم ثم من رأى من رآهم وبهذا فسره أكثر العلماء.
وقال المغيرة: أفضل القرون الصحابة ثم أبناؤهم ثم أبناء أبنائهم واختلف فيما بعد ذلك من القرون فقيل إنها سواء لا مزية لأحدها على الآخر قاله ابن رشد. وقال المغيرة وغيره لا يزال التفاوت كذلك إلى قيام الساعة ويدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم "ما من يوم إلا الذي بعده شر منه" وروي في كل عام ترذلون وإنما يسرع بخياركم.
(وأفضل الصحابة الخلفاء الراشدون الهادون المهديون أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي رضي الله عنهم):
اختلف في الصحابي من هو فقيل هو اسم لمن رأى النبي صلى الله عليه وسلم واتبعه فيصدق