عنها بما إذا قال: أدفع لك أرضي وبذري وبقري وتتولي أنت العمل.
الثاني: دعواه أن مسألة عرفنا هي مسألة سحنون وابن المواز فيه نظر من وجوه: أحدها: إن عرفنا في الخماس بإفريقية في زمانه، وقبله وبعده إنما هو على أن كل التبن لرب الأرض، والبذر ومسألتهما ليس فيها اختصاص رب الأرض والبذر بشيء.
والثاني: أن مسألتهما فيها المنفرد بالعمل أخرج معه البقر، ومسألة عرفنا لا يأتي العامل بشيء بل يعمل بيده فقط، وكونه كذلك يصيره أجيرا أو يمنع كونه شريكًا.
الثالث: أن ظاهر أقوال المذهب أن شرط الشركة كون العمل فيها مضمونا لا عمل عامل معين ومسألة عرفنا إنما يدخلون فيها على أن العامل معين بنفس العمل، والحامل لنا على هذا الكلام خوف الاغترار بقوله فيعتقد أن في مسألة عرفنا قولاً بالصحة، وليس الأمر كذلك فتأمله منصفا.
ولقد أجاد ونصح شيخ مشايخنا الشيخ الفقيه أبو عبد الله محمد بن شعيب حيث سئل عن مسألة الخماس في الزرع بجزء مسمى من الزرع هل يجوز أم لا؟ وهل ينهض له عذر في إباحته لتعذر من يدخل على غير هذا؟
فأجاب بأنها إجارة فاسدة وليست بشركة؛ لأن الشركة تستدعي الاشتراك في الأصول التي هي مستند الأرباح وعدم المساعدة على ما يجوز من ذلك لا ينهض عذراً لأن غلبة الفساد في ذلك، وأمثاله إنما هو من إهمال حملة الشرع، ولو تعرضوا لفسخ عقود ذي الفساد لما استمروا على فسادهم فإن حاجة الضعيف إلى القوي أشد قال الله تعالى:(فلنسئلن الذين أرسل إليهم ولنسئلن المرسلين* فلنقصن عليهم بعلم وما كنا غائبين* والوزن يومئذ الحق)[الأعراف: ٦ - ٨].
قلت: وكان الشيخ الخطيب المفتي أبو عبد الله محمد الرماح يفتي بأنه عذر يبيح الشركة على الوجه المذكور، وتبعه مفتينا بذل شيخنا أبو محمد عبد الله الشبيبي رحمه الله تعالى، وكلاهما من القرويين نفعنا الله تعالى ببركاتهما.
(ولا ينقد في كراء أرض غير مأمونة قبل أن تروي):
يريد بشرط وظاهر كلامه أن العقد عليها جائز وهو كذلك عند ابن القاسم.
قال ابن رشد: لا يفرق ابن القاسم بين الأرضين في جواز العقد لعام أو لعامين أو لأعوام كثيرة ولو كانت غير مأمونة وفي جواز النقد قسمان، فالمأمونة كأرض النيل والمطر المأمون والسقي بالأنهار والعيون الثابتة، والآبار المعينة النقد فيها للأعوام الكثيرة جائز، وغير المأمونة لا يجوز فيها إلا بعد ريها وإمكان حرثها كانت من أرض