هنا فيما قد علمت، وحكى ابن الجلاب عن مالك ما تقدم وزاد ورواية ثالثة بأنه لا جائحة فيها بالإطلاق، ولم يحفظها ابن حارث بل ذكر مثل ما ذكر الشيخ فقال: اتفقوا على وضع جائحة البقل واختلفوا في قدر ما يوضع ومثل ما ذكر ابن حارث ذكر اللخمي في المقانئ وألحقوا الزعفران والريحان والقرط والقضب بالبقول واختلف في الأصول المغيبة في الأرض مثل الجزر واللفت والبصل هل هي كالبقول أم لا؟
ومذهب المدونة أنها كالبقول وألحق أشهب المقانئ بالبقول فتوضع، وإن قلت: ألحقها ابن القاسم وابن المواز وابن حبيب بالثمار وكذلك اختلف في قصب السكر على ثلاثة أقوال كالبقل، واختلف في وضع الجائحة في ورق التوت. فقيل: توضع بالإطلاق قاله ابن القاسم في سماع أبي زيد، وقيل: إذا بلغت الثلث قاله ابن حبيب.
قال ابن سحنون: وانظر لو مات دود الحرير الذى لا يراد ورق التوت إلا له هل يكون مشتريه كمكتري حمام أو فندق ثم جلا بلده فلم يجد من يعمره فيكون له متكلم أو لا يشبهه؛ لأن منافع الربع في ضمان مكتريه وورق التوت مبتاعه يضمن بالعقد كمن اشترى علفا لقافلة تأتيه فعدلت عن محله أو ليس هي مثله لا مكان نقل الطعام حيث يباع وورق التوت لا ينقل.
قال ابن يونس: وكذلك لو اشترى قوم ثماراً من بلد فانجلى أهلها لفتنة أو لموت كان ذلك جائحة.
(ومن أعرى ثمر نخلات لرجل من جنانة فلا باس أن يشتريها إذا أزهت بخرصها ثمرا يعطيه ذلك عند الجداد إن كان فيها خمسة أو سق فأقل):
العرية بتشديد الياء لغة وعرفا يقال عرية وعرايا، قاله عياض والأصل في ذلك ما رواه مالك عن نافع عن ابن عمر عن زيد بن ثابت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص لصاحب العرية أن يبيعها بخرصها من الثمر" وثبت لفظ " رخص" في حديث مسلم والبخاري وأبي داود.
قال الباجي: الرخصة عند الفقهاء تخصيص بعض الجملة المحظورة بالإباحة وسموها رخص؛ لأنها مستثناة من قوله صلى الله عليه وسلم: " لا تبيعوا الثمرة حتى يبدو صلاحها ولا تبيعوا التمر بالتمر"، وقال المازري: هي مستثناة من بيع الرطب بالتمر وربا الفضل والنساء.
قال ابن رشد: اختلف في جواز بيع العرية على ثلاثة أقوال: