المشهور وروى إسماعيل القاضي عن مالك أنه يجبره وهو ظاهر سماع أشهب، وبه قال ابن بكير وإسماعيل، وأخذه ابن رشد من قول المدونة عتقه بتلاً على مال عليه بعد العتق دينًا فالكتابة أحرى.
ورده بعض شيوخنا بتحقق العتق في مسألة المدونة وأما الكتابة فهي معروضة للعجز بعد أداء جلها واختار اللخمي أن السيد إذا رضي من عبده بمثل خراجه أو زيادة يسيرة فله الجبر، وإلا فلا وحسنه ابن عبد السلام قائلاً: لأنها منفعة للعبد خالية عن الضرر.
واختلف المذهب إذا اشترط السيد وطء مكاتبته، واستثنى حملها فقيل: إن الشرط ساقط، قاله ابن القاسم، ونقل ابن المواز عن أشهب عن مالك أن الكتابة تفسخ إلا أن يرضي السيد بطرح الشرط، واختار ابن المواز مثله ما لم تؤد نجما منها فإن الكتابة ماضية، ويبطل الشرط.
واختلف هل تنافي الكتابة الحلول أم لا؟ فقيل: تنافيه؛ لأن الكتابة لم تقع قديمًا وحديثا إلا مؤجلة. وقيل: إنها كالبيع تقبل الحلول والتأجيل غير أن الغالب عليه عند أهل المذهب التأجيل، ولذلك قالوا: إذا أوصى الموصي بالكتابة مجملة نجمت على حسب ما يراه أهل المعرفة.
وزعم ابن رشد أنه مذهب مالك قال: وقول الشيخ أبي محمد في رسالته الكتابة جائزة على ما رضيه العبد وسيده من المال منجما ظاهر في أنها لا تكون إلا منجمة وليس بصحيح، وإنما منعها حالة أبو حنيفة ورده بعض شيوخنا بأن قول أبي محمد لا يدل على منعها حالة بل عدم صدق لفظ الكتابة عليها فقط فتأمله.
(فإن عجز رجع رقيقًا وحل له وأخذ منه ولا يعجزه إلا السلطان بعد التلوم إذا امتنع من التعجيز):
ما ذكر الشيخ من أنه إذا عجز رجع رقيقًا وحل له ما أخذ منه هو مذهبنا واضطراب العلماء فيه اضطرابًا كثيرًا وظاهر كلام الشيخ أنهما إذا اتفقا على التعجيز لا يفتقر إلى السلطان وإن كان له مال ظاهر، وهو كذلك عند مالك.
وقال أيضًا: إن كان له مال ظاهر فلابد من تعجيز السلطان.
وقال سحنون: لابد من السلطان مطلقًا، وكلها نقلها اللخمي قائلاً: وعلى القول بالمنع إذا رضي بالفسخ، ولم ينظروا في ذلك حتى فات بالبيع أو بإعتاق المشتري فقيل: البيع فوت، وقيل: ليس بفوت إلا أن يفوت بعتق.