وقال المازري: مال بعض المحققين إلى الوقف في لزومه من تعليل المغيرة رد عتقه أم ولده بأنه يدخل عليه نقصًا في ماله لاحتياجه لتزويج أو تسر ويرد بأن في عتق أم الولد تفويت أمر مالي وهو ما يعرض من أرش جناية عليها فأشبهت الأمر المالي حقيقة.
قلت: وأجابه بعض شيوخنا بأن العصمة معروضة للخلع كالأرش في أم الولد، وقصر شيخنا أبو مهدي ما قاله المازري مفرقًا بأن الخلع ليس عوضه أمر ماليا حقيقة بخلاف الأرش.
قلت: وقول خليل خرج بعضهم على قول المغيرة عدم لزوم طلاقه كقول ابن أبي ليلى، ورده بنقل المازري غلط، وإنما المنقول في نقل المازري الوقف خاصة، ويلزم الصبي ما أفسد أو كسر مما لم يؤتمن عليه باتفاق، وما عومل عليه لا خلاف أنه لا يضمنه، وفيما اؤتمن عليه قولان، وبسط هذا يأتي في الغصب إن شاء الله تعالى.
(والولاء لمن أعتق):
الأصل في هذا ما في الصحيح عن عائشة رضي الله عنها قالت: جاءت بريرة فقالت: إني كاتبت أهلى على تسع أوراق في كل عام أوقية فأعينيني فقالت عائشة: إن أحب أهلك أن أعدها لهم عدة وأعتقك فعلت، ويكون ولاؤك لي فذهبت إلى أهلها فأبوا ذلك عليها فقالت: إني عرضت عليهم فأبوا إلا أن يكون لهم الولاء فسمع ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألني فأخبرته فقال: " خذيها وأعتقيها واشترطي لهم الولاء فإن الولاء لمن أعتق" فقالت عائشة رضي الله عنها قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس فحمد الله تعالى وأثني عليه فقال: " أما بعد ... فما بال رجال منكم يشترطون شروطًا ليست في كتاب الله فأيما شرط ليس في كتاب الله عز وجل فهو باطل، وإن كان مائة شرط، قضاء الله أحق، وشرط الله أوثق إنما الولاء لمن أعتق، ما بال رجال منكم يقولون: أعتق يا فلان والولاء لي إنما الولاء لمن أعتق".
وفي الصحيح من حديث ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم " نهي عن بيع الولاء وهبته" وحده بعض شيوخنا فقال: هو لمن ثبت العتق عنه، ولو بعوض، أو بغير إذنه ما لم يمنع مانع.