قلت: ما ذكره من ظاهر كلامه هو أحد قولي مالك في كتاب الصدقة، والمال المأمون هو العقار والرباع، قاله مالك في العتق الأول من المدونة.
واختلف في الناض الكثير فعند ابن القاسم: ليس بمال مأمون، وقيل: هو مال مأمون قاله أشهب، وأصبغ.
(والهبة لصلة الرحم أو لفقير كالصدقة لا رجوع فيها):
يريد وكذلك الهبة لليتيم وما ذكره زعم ابن عبد البر الاتفاق عليه وعزاه ابن عبد السلام لبعض الشيوخ كعادته في التعمية بعدم العزو، وقال: فيه نظر فإن مطرفًا قال فيمن وهب هبة لأبيه أو لوجه الله: فله الاعتصار.
وقال ابن الماجشون: لا يعتصر.
قلت: وما ذكره عن مطرف ذكره ابن زرقون بعد أن ذكر كلام ابن عبد البر، وزاد ابن رشد في قول مطرف أنه إذا وهب لولده لوجه الله أو لصلة الرحم أن له الاعتصار أبدًا حتى يسمي الصدقة.
وقال عياض: خرج بعض شيوخنا من إجازة مالك في العتبية لكل ما تصدق به على ابنه الصغير جواز الاعتصار في الصدقة.
(ومن تصدق على ولده فلا رجوع له):
كلامه في المسألة السابقة يغني عما ذكر هنا والله أعلم.
(وله أن يعتصر ما وهب لولده الصغير أو الكبير ما لم ينكح لذلك، أو يداين أو يحدث في الهبة حدثًا):
ظاهر كلام الشيخ: أن الجد لا يعتصر، وهي رواية ابن القاسم في المدونة ورواية ابن وهب في غيرها، وهو المشهور، وروي أشهب أنه يلحق بالأب وهو اختيار ابن عبد الحكم وظاهر كلامه أن الولد إذا نكح لذلك يمنع الاعتصار سواء كان الولد ذكرا أو أثني وهو كذلك على ظاهر المدونة وابن الحاجب وتصريح مالك في الموطأ.
وقال ابن دينار: نكاح الذكر لغير الهبة لا يمنع الاعتصار ولأن الذكر دخل فيما المخرج بيده منه، وذلك في الأنثى بيد غيرها حكاه غير واحد كالباجي.
وظاهر كلامه ولو زال النكاح بموت أو طلاق قبل البناء أو بعده، وهو كذلك عند ابن القاسم، وظاهر كلامه أن المداينة لا يشترط فيها أن تكون على الهبة بل هي مانعة مطلقاً، كما لو كان الابن غنيا فوهب له أبوه هبة يسيرة يرى أنه لا يداين لمثلها، وهو كذلك عند ابن الماجشون.