للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن الحاجب: الرهن إعطاء امرئ وثيقة بحق واعترض بأنه غير مانع بالمنع لذي حق على الوفاء به والحميل لحق والإشهاد به.

قال ابن عبد السلام: وأجيب بمنع قبول دخول شيء منها تحته؛ لأن لفظة إعطاء تقتضي حقيقة دفع شيء ولفظ وثيقة يقتضي صحة رجوع ذلك الشيء لدافعه إذا استوفي ذاك وذلك لا يصح في الحميل واليمين الأخذ والرد حقيقة.

وأما الوثيقة بذكر الحق فهو وإن صح دفعها فلا يلزم ردها بعد استيفاء الحق.

قلت: ورده بعض شيوخنا بأن قوله لفظة إعطاء يقتضي دفع الشيء إلى آخذه، وإن أراد دفعه حسب المحسوس منع لصحة قولنا: إعطاء عهد الله والأصل الحقيقة، وإن أراد الأعم منه، ومن المعني دخل ما وقع النقص به وإن سلم كونه حسبا بطل بإخراجه رهن الدين، وقوله لفظة وثيقة تقتضي صحة رجوع ذلك الشيء إلى آخذه يريد؛ لأنه لا يلزم من نفي لزوم ردها نفي صحته واللازم عنده إنما هو الصحة حسبما تصرح به قال: ويتعقب رسم ابن الحاجب بأنه لا يتناول الرهن بحال؛ لأنه اسم والإعطاء مصدر وهما متباينان، وظاهر كلام الشيخ: أن الرهن جائز حضرًا أو سفا وهو كذلك عندنا.

(ولا يتم إلا بالحيازة):

ظاهر كلام الشيخ إذا لم يحز فإنه يبطل، وإن كان جد في الطلب إلى أن قام عليه الغرماء، وهو كذلك قال ابن حارث وقال عبد الوهاب عجزه مع جده في طلبه إلى أن قاموا لا يبطله كالهبة.

وحكى اللخمي القول الثاني غير معزو كالأول دون استدلال قائلاً، وهو أحسن.

قلت: واستدلال القاضي بالهبة يدل على أنه متفق عليه فيما وليس كذلك بل هو قول ابن القاسم، وقال ابن الماجشون: تبطل حسبما قدمنا ذلك في موت الواهب ولا فرق بين الموت والتفليس.

واعلم أن الحواز المتقدم لغير الرهن كالمتأخر على الأصح، واختلف هل يصخ رهن مشاع العقار أم لا ففي المدونة صحته.

وقال ابو حنيفة والشافعي: لا ينعقد فيه رهن قال المازري، وخرجه الشيخ عبد المنعم، وهو أحد شيوخ شيوخي من قول بعض أصحابنا أن هبة المشاع لا تصح؛ لأن قبضه لا يتأتى.

قلت: وخرجه بعض المتأخرين من منع صرف جزء الدينار لامتناع القبض

<<  <  ج: ص:  >  >>