(والعارية مؤداة يضمن ما يغاب عليه ولا يضمن ما لا يغاب عليه من عبد أو دابة إلا أن يتعدى):
العارية هي بتشديد الياء، قاله الجوهري. وقال ابن شاس، وابن الحاجب العارية تمليك منافع العين بغير عوض، واعترضه بعض شيوخنا بأنه غير جامع؛ لأنه لا يتناولها إلا مصدرا والعرف إنما هو استعمالها اسما وهو الشيء المعار.
قال مالك في المدونة فيما تلف من عارية الحيوان عند من استعارها: لا ضمان عليه إلا أن يتعدى، وبأنه غير مانع؛ لأنه يدخل عليه الحبس، وحدها بأن قال: هي مصدرًا: تمليك منفعة مؤقتة لا بعوض فتدخل العمرى والإخدام لا الحبس واسما مالك ذو منفعة مؤقتة ملكت بغير عوض، وهي مندوب إليها من حيث الجملة؛ لأنها إحسان والله يحب المحسنين ويعرض لها الوجوب كمن هو مستغن عنها لمن يخشى هلاكه والتحريم ككونها معينة على معصية والكراهة إذا أعين بها على مكروه والمباح إذا أعين بها غني.
واختلف في علف الدابة المعارة فقيل: على المعير، وقيل: على المستعير، قال ابن رشد في المقدمات: وأجرة حمل العارية على المستعير، واختلف في أجرة ردها فقيل: على المستعير وهو الأظهر وقيل: على المعير؛ لأن العارية معروف فلا يكلفه أجرف بعد معروف صنعه.
وقبل الفاكهاني قول ابن الجلاب ومن استعار شيئًا إلى مدة معلومة فلا بأس أن يكريه من مثله، وفي المدونة: ولا بأس أن يعيره من مثله كما قال ابن هارون وابن عبد السلام، قول ابن شاس، وابن الحاجب المعير مالك للمنفعة غير محجور عليه فتصح من المستعير، والمستأجر، ويؤيد ما قالوه قول المدونة في الوصايا الثاني، وللرجل أن يؤاجر ما أوصى له به من سكنى دار أو خدمة عبد قال في الوصايا الأول إلا أن يريد رب العبد ناحية الكفالة والحضانة، وهو خلاف ما في الزاهي لابن شعبان من استعار دابة فلا يركبها غيره وإن كان مثله في الخفة والحال ومثله قول إجارة المدونة إن استأجرت ثوبًا تلبسه يومًا إلى الليل فلا تعطه غيرك ليلبسه لاختلاف الناس في اللباس والأمانة.
وكره مالك لمكتري الدابة لركوبة كراؤها من غيره، وإن كان أخف، وخرج ابن عبد السلام قوله في العارية، وما ذكر الشيخ أنه لا يضمن ما لا يغاب عليه، قال اللخمي: هو المشهور من قولي مالك وأصحابه وروى ابن شعبان: لا يصدق في ذهاب الحيوان حتى يعلم ذهابه، وقاله ابن القاسم في كتاب الشركة، ولا حاجة لتأويل بعضهم