قلت: وقال بعض شيوخنا: اللقطة مال وجد بغير حرز محترم ليس حيوانا ناطقًا ولا نعما فيخرج الركاز وما بأرض الحرب، وتدخل الدجاجة وحمام الدور إلا السمكة تقع في سفينة هي لمن وقعت إليه قاله ابن عات عن ابن شعبان والأظهر في السمكة إن كانت في موضع بحيث لو لم يأخذها من سقطت إليها لنجت بنفسها لقوة حركتها وقرب محل سقوطها من ماء البحر فهي كما قال ابن شعبان في زاهيه: وإلا فهي لرب السفينة كقول المدونة فيمن طرد صيدا حتى دخل دار قوم إن اضطره إليها فهو له، وإن لم يضطره، وبعد عنه فهو لرب الدار.
واعلم أن واجد اللقطة على ثلاثة أقسام: تارة يعلم من نفسه الخيانة فهذا يحرم عليه التقاطها لأن ذلك مستلزم لإتلاف المال المعصوم وتارة يخاف على نفسه الخيانة فهذا يكره له التقاطها ولا يحرم، وتارة يعلم من نفسه الأمانة فإن كانت في مكان يخاف عليها من أهل الخيانة فهذا يجب عليه التقاطها باتفاق، وإن لم يخف عليها الخيانة ففي ذلك ثلاثة أقوال: الاستحباب والكراهة، والاستحباب فيما له بال، وكلها لمالك.
وفي المدونة مع سماع ابن القاسم من التقط ثوبًا يظنه لقوم يراهم فسألهم فقالوا له: ليس لنا فرده حيث وجده لا بأس به.
قال ابن القاسم: إن كانت علينا فأخذه أحب إلى فجعل بعض شيوخنا قول ابن القاسم رابعًا، وهو الفرق بين العين وغيرها، وتأوله ابن رشد فقال: معناه لا ضمان عليه إن فعل والاختيار أن لا يفعل كقوله في الثوب إذ لا فرق بينهما وبين الثوب ورده شيخنا بوضوح خفة الحفظ في العين دون الثوب ولما يلزم من تفقده.
وقال ابن عبد السلام: والأظهر إن كان مع القدرة على الحفظ أن يجب الالتقاط ولا يعد علمه بخيانة نفسه مانعا وأحرى خوفه ذلك؛ لأنه يجب عليه ترك الخيانة والحفظ للمال المعصوم وقصارى الأمر أن من يأمن على نفسه الخيانة فقد توجه عليه الخطاب بالحفظ وحده ومن يخاف على نفسه الخيانة وجب عليه أمران: الحفظ وترك الخيانة، وبعد تسليم هذا فالأظهر من الأقوال الثلاثة الاستحباب أو الوجوب لو قيل به لوجوب أعانة المسلمين عند الحاجة والقدرة على الإعانة.
وما ذكر الشيخ أنه يعرف بها بموضع يرجو التعريف بها هو كذلك؛ لأن ذلك مظنة لوجود صاحبها، ويريد في غير المسجد ولكن على بابه.