قال ابن عبد السلام: هذا صحيح في النظر، ولا يبعد وجود الخلاف فيه أو ما يدل عليه في فروعهم وأظن أني وقفت على ما يقتضي ذلك.
قلت: ولم ينقل الشيخ خليل ما ذكره، واعترضه بعض شيوخنا بأن قول وجود الخلاف فيه يقتضي وجود القول عنده؛ لأنه لا يحال بينه وبينه مع عدم التوثق منه، وهذا خلاف الإجماع على منع الحاكم من الحكم بما يقتضي تضييع الأموال على أربابها فتأمله.
وفسر خليل التوثق المذكور بأحد أمرين: إما برهن أو بضامن وقبله شيخنا أبو مهدي وهو عندي بعيد بالنسبة إلى الرهن، والصواب: الضامن فقط، والله أعلم.
قال الشيخ أبو مهدي، وفي الموازية عن ابن القاسم: لو اتفقا على أن يأخذ منه ثمنا نقدا جاز كبيع طعام القرض قبل قبضه، وقاله أصبغ، وروي ابن القاسم في المجموعة والعتبية: لا يجوز أخذه منها طعامًا يخالفه في جنس أو صفة؛ لأنه طعام بطعام مؤخر.
(ولو كان النقص بتعديه خير أيضًا في أخذه وأخذ ما نقصه، وقد اختلف في ذلك):
هذه المسألة هي من باب التعدي لا من باب الغصب ويعني أن من خرق ثوبًا مثلاً فأفسده فسادًا كثيرًا أن ربه مخير في أخذه وأخذ ما نقصه أو أخذ القيمة بخلاف اليسير، وهذا قول مالك في المدونة.
قال ابن القاسم فيها: وكان مالك يقول: ويغرم ما نقصه، ولم يفصل بين القليل والكثير ونقل غير واحد كابن يونس عن أشهب إنما له أخذ القيمة أو أخذه ناقصًا ولا شيء له معه، وقاله ابن القاسم في أحد قوليه. قال سحنون وفي المدونة إن أفسده يسيرا فلا خيار له وإنما له ما نقصه بعد رفوه.
قال ابن حارث: اتفاقًا من ابن القاسم، وأشهب زاد غيره، ومالك قال اللخمي: وليس فيه القضاء بالمثل ولو كان منه ما غرم النقص بعد إصلاحه، وقد تكون قيمة الثوب سالما مائة ومعيبًا تسعين فأجرة رفوة عشرة وتكون قيمته بعد إصلاحه خمسة وتسعين بخسر المتعدي خمسة، وقد لا تزيد إلا صلاح في قيمته معيبًا شيئًا وإنما يلزمه إصلاحه؛ لأن ربه لا يقدر على استعماله إلا بعده، ومثله من حلق رأس محرم كرها بفدي عنه؛ لأنه أدخله في ذلك.
واختلف في هذا الأصل هل يغرم الجارح أجرة الطبيب أم لا؟ على قولين الأحسن أنه على الجارح كأنه كالرفو قال ابن يونس: ولو قال قائل السير إنما عليه فيه ما نقصه فقط، لم يبعد؛ لأنه إذا أعطاه ما نقصه دخل فيه الرفق كقولهم فيمن وجد آبقا، وكذلك شاة له جعل مثله، ولا نفقة له؛ لأنها داخلة في تقويم جعل مثله.