وقال أشهب: بالأول إن لم يعين، وبالثاني إن عين وعرف أنها للمسروق منه.
ووقع لابن القاسم ما يقتضي أنه لا يؤخذ إلا أن يعين وينضاف إلى ذلك ما يدل على صحته كقوله اجترأت.
وقال مالك في المدونة: إن عين السرقة قطع إلا أن يقول دفعها لي فلان، وإنما أقررت لما أصابني ولو أخرج دنانير لم يقطع؛ لأنها تعرف.
قلت: وجرت عادة أمراء إفريقية بضربه الضرب الوجيع كالخمسمائة سوط والالف فإن اعترف ربما أمروا بقتله لكونه محاربًا لإتيانه بالسلاح وليس بحكم شرعي، وإنما الخلاف السابق في الضرب اليسير أو التهديد بالقول أو بالسجن والله أعلم.
وإن رجع عن إقراره إلى شبهة سقط القطع باتفاق وفي غير شبهة روايتان وتثبت السرقة بالبينة كالإقرار بها طوعا.
وفي المدونة: وينبغي للإمام إذا شهدت عنده بينة على سرقة أن يسألهم عن السرقة ما هي؟ ويكف هي ومن أين أخذها؟ وإلى أين أخرجها؟ كما يسألهم في الزني، وأراد بقوله: ينبغي على الوجوب وظاهره سواء كانوا عالمين بالأحكام الشرعية أم لا، وهو كذلك خلافا لسحنون في قوله: إنما يسأل من كان جاهلا، ومعنى كما يسأل في الزني إشارة إلى الضبط فيما ذكر فقط؛ لأن المعروف أنه لا يشترط معاينة إتيان بينة السرقة للشهادة بها، وفي نظائر أبي عمران الصناجي اشترط ذلك، ولم يحك غيره وتبعه القرافي.
قال بعض شيوخنا: وهو وهم وظاهر كلامه أنهما انفراد بذلك وليس كذلك بل ذكره ابن حارث في كتابة المسمي بأصول الفتوى عن مالك ولم يحك غيره ولفظة قال المغيرة: سمعت مالكًا يجيز شهادة الأفذاذ في كل شيء من النكاح والطلاق والعتاق والقذف وشرف الخمر ما خلا الزنا والسرقة.
(ومن أخذ في الحرز لم يقطع حتى يخرج السرقة من الحرز)
قال ابن الحاجب: الحرز ما لا يعد الواضع فيه في العرف مضيعا للمال ثم قال رحمه الله وظهرو الدواب حرز فحمله ابن هارون على ظاهره دون تقييد.
وقال ابن عبد السلام: كذا قال في المدونة: وظاهر سياق الكلام هنا أن ذلك مشروط بما إذا كان معه ربه ما لم يخرج إلى الخلسة. قال بعض شيوخنا: وفيما قاله نظر؛ لأن لفظها والدور حرز لما فيها غاب أهلها أو حضروا وكذلك ظهور الدواب