ظاهر كلام الشيخ، وإن كان السارق والزاني قد تابا وحسنت حالتهما، وهو كذلك وحديث ماعز مع الغامدية يدل عليه.
(واختلف في ذلك في القذف):
قال الشيخ أبو الحسن اللخمي رحمه الله تعالى: اختلف قول مالك في حد القذف هل هو حق الله أو للمقذوف لجعله مرة للمقذوف وأجاز عفوه وإن بلغ الإمام، ومرة جعله لله فلم يجز العفو ولو قبل الإمام إلا أن يريد سترا على نفسه ولم يختلف أن عفوه جائز إذا أراد سترا، وهذا يسحن فيمن لم يعرف بذلك، وكان ذلك منه فلتة.
وقال ابن رشد في المقدمات: لا خلاف أنه حق للمقذوف وهل هو حق لله تعالى في ذلك ثلاثة أقوال:
أحدهما: أن فيه حقًا لله فلا يجوز فيه العفو بلغ الإمام أم لا. وهو دليل سماع أشهب وعليه يقيمه الإمام إن بلغ إليه صاحبه أو أجنبي.
والثاني: لا حق لله فيه تعالى ولصاحبه العفو مطلقًا وهو أحد قولي مالك في السرقة والرجم من المدونة.
والثالث: حق لصاحبه ما لم يبلغ الإمام فإذا بلغه صار حقًا لله، ولم يجز لصاحبه العفو عنه إلا أن يريد سترا وهو أحد قولي مالك.
قلت: فإذا عرفت هذا فاعلم أنه خلاف قول الشيخ؛ لأن ظاهر كلامه يقتضي أنه لا خلاف في العفو قبل بلوغ الإمام وليس كذلك، ولما ذكر ابن الحاجب أن حد القذف من حقوق الآدميين على الأصح قال: وعليهما تحليفه عليه.
قال ابن عبد السلام: أما عدم توجه هذه الدعوى على أنه حق لله تعالى فصحيح، وأما توجهها على كونه حقًا للآدمي ففيه نظر إلا لو كان حقًا ماليا، وأما إذا كان حقاً بدنيا فلا يلزم، وقد قال أشهب: فيما قدمنا أن القاتل إذا ادعى على ولي القتيل أنه عفا عنه ولم تتوجه هذه الدعوى ولم يحلف لها، واعترضه بعض شيوخنا بأن في كلامه الوهم من وجهين:
أحدهما: أن القاعدة لا يستشكل التخريج المطلق على أصل المذهب إلا لمخالفة المشهور وأما ما موافقته فلا هو ههنا موافق قال في كتاب الديات من المدونة ما نصه: وإن ادعى القاتل أن ولي الدم عفا عنه فله أن يستحلفه فإن نكل ردت اليمين على القاتل ابن يونس يحلف يمينا واحدة لا خمسين يمينا؛ لأن المدعي عليه إنما