واختلف المذهب هل يبدأ أو لا بيمين من توجه عليه الحلف أم لا؟ على ثلاثة أقوال: فقيل: يبدأ أولا به ثم يؤمر من حلف له بإحضار ما وجب عليه، وقيل: لا يحلف حتى يحضره، واستمر عليه العمل عندنا بتونس، وذكر القولين أبو حفص العطار فذكر الأول عن نفسه، والثاني عن عبد الواحد.
وقيل: يكفي أن يشهد المطلوب أنه مليء بحقه، ويحلف الطالب ثم يرفع له ولا تقبل منه بينة بالعدم ولم يحك أكثر شيوخ المذهب غيره كابن أبي زمنين وفضل ويؤخذ ذلك من قول جنايات المدونة ومن جنى عبده جناية فقال أبيعه وأدفع الأرش من ثمنه فليس له ذلك إلا أن يضمن وهو ثقة مأمون أو يأتي بضامن ثقة فيؤخر اليوم واليومين.
وزعم بعض شيوخنا أنه إنما يؤخذ منها القول الثاني الذي عليه العمل، وسمعت شيخنا أبو مهدي غير ما مرة بذكر أن القول الثاني لا يوجد لغير المتأخرين من التونسيين، وفيه نظر إذ هو في تعليقة أبي حفص العطار عن عبدالواحد، وهو غريب فاعلمه.
فإن قلت في عد قول عبد الرحمن نظر لأن أبا حفص ذكر أن المسألة وقعت لعبد الواحد مع امرأة وأن اليمين توجهت عليه.
قلت: لا نظر فيه؛ لأن فتواه ليست بقاصرة عليه، وإنما هي متعدية، وقد ذكروا أن العبد إذا روى حديثا يقتضى عتق نفسه فإنه لا يقدح، وقد أفتى مالك في أم ولده لما استحقت بأخذ قيمتها فقط.
قال عياض: فحكم فيها بقوله وليس في كلام الشيخ ما يدل على شيء من الأقوال الثلاثة بل كلامه أعم لمن تأمله.
وإذا تم نكوله بقوله: لا أحلف وشبهه ثم أراد أن يحلف فليس له ذلك.
قال في كتاب الديات من المدونة فيمن قام له شاهد بحق وأبي أن يحلف ورد اليمين على المطلوب ثم بدا له أن يحلف فليس له ذلك، وأما إذا التزم المدعى عليه اليمين ثم يريد الرجوع إلى إحلاف المدعي فهل له ذلك أم لا؟
فقال أبو عمران: له ذلك وأباه الشيخ أبو القاسم بن الكاتب وإذا امتنع المدعى عليه عن إقرار وإنكار فروى أشهب أنه يحبس حتى يجيب بأحد الأمرين وصححه بعض الشيوخ بقوله: إن طال سجنه ينبغي أن يحمل عليه السوط وفي المسألة أقوال أخر لم أذكرها لطولها.
(واليمين بالله الذي لا إله إلا هو):
ما ذكر الشيخ هو المشهور وقيل: يزاد عالم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم،